الجواب : من يقول أقل الجمع اثنان فهذه الآية حجته، ومن يقول : هو ثلاثة قال هذا للتأكيد، كما في قوله :﴿إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًا ﴾ (النساء : ١٠) وقوله :﴿لا تَتَّخِذُوا إِلَـاهَيْنِ اثْنَيْنِا إِنَّمَا هُوَ إِلَـاهٌ وَاحِدٌ ﴾.
أما قوله تعالى :﴿وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ﴾ فنقول : قرأ نافع (واحدة) بالرفع، والباقون بالنصب، أما الرفع فعلى كان التامة، والاختيار النصب لأن التي قبلها لها خبر منصوب وهو قوله :﴿فَإِن كُنَّ نِسَآءً﴾ (النحل : ٥١) والتقدير : فان كان المتروكات أو الوارثات نساء فكذا ههنا، التقدير : وإن كانت المتروكة واحدة، وقرأ زيد بن علي : النصف، بضم النون.
قوله تعالى :﴿وَلابَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَه وَلَدٌ ﴾.
اعلم أنه تعالى لما ذكر كيفية ميراث الأولاد ذكر بعده ميراث الأبوين، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : قرأ الحسن ونعيم بن أبي ميسر ﴿السُّدُسُ ﴾ بالتخفيف وكذلك الربع و﴿الثُّمُنُ﴾.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٥٠٦
المسألة الثانية : اعلم أن للأبوين ثلاثة أحوال.
الحالة الأولى : أن يحصل معهما ولد وهو المراد من هذه الآية، واعلم أنه لا نزاع أن اسم لولد يقع على الذكر والانثى، فهذه الحالة يمكن وقوعها على ثلاثة أوجه : أحدها : أن يحصل مع الأبوين ولد ذكر واحد، أو أكثر من واحد، فههنا الابوان لكل واحد منهما السدس. وثانيها : أن يحصل مع الأبوين بنتان أو أكثر، وههنا الحكم ما ذكرناه أيضا. وثالثها : أن يحصل مع الأبوين بنت واحدة فههنا للبنت النصف، وللام السدس وللأب السدس بحكم هذه الآية. والسدس الباقي أيضا للأب بحكم التعصيب، وههنا سؤالات.
السؤال الأول : لا شك أن حق الوالدين على الانسان أعظم من حق ولده عليه، وقد بلغ حق الوالدين إلى أن قرن الله طاعته بطاعتهما فقال :﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَـانًا ﴾ وإذا كان كذلك فما السبب في أنه تعالى جعل نصيب الأولاد أكثر ونصيب الوالدين أقل ؟
والجواب عن هذا في نهاية الحسن والحكمة، وذلك لأن الوالدين ما بقي من عمرهما إلا القليل فكان احتياجهما إلى المال قليلا، أما الأولاد فهم في زمن الصبا فكان احتياجهم إلى المال كثيرا فظهر الفرق.
السؤال الثاني : الضمير في قوله :﴿وَلابَوَيْهِ﴾ إلى ماذا يعود ؟
الجواب : أنه ضمير عن غير مذكور، والمراد : ولأبوي الميت.
السؤال الثالث : ما المراد بالأبوين ؟
والجواب : هما الأب والأم، والأصل في الأم أن يقال لها أبة، فأبوان تثنية أب وأبة.
السؤال الرابع : كيف تركيب هذه الآية.
الجواب : قوله :﴿لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا﴾ بدل من قوله : بتكرير العامل، وفائدة هذا البدل أنه لو قيل : ولأبويه السدس لكان ظاهره اشتراكهما فيه.
فان قيل : فهلا قيل لكل واحد من أبويه السدس.
قلنا : لأن في الابدال والتفصيل بعد الاجمال تأكيداً وتشديدا، والسدس مبتدأ وخبره : لأبويه، والبدل متوسط بينهما للبيان.
قوله تعالى :﴿وَلَدٌا فَإِن لَّمْ يَكُن لَّه وَلَدٌ وَوَرِثَه ا أَبَوَاهُ فَلامِّهِ الثُّلُثُ ﴾.
وفي الآية مسألتان :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٥٠٦


الصفحة التالية
Icon