﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ أَن تَزُولا وَلَـاـاِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّنا بَعْدِه ﴾ (فاطر : ٤١). الشرط الثاني : في كون الأرض فراشاً لنا أن لا تكون في غاية الصلابة كالحجر، فإن النوم والمشي عليه مما يؤلم البدن، وأيضاً فلو كانت الأرض من الذهب مثلاً لتعذرت الزراعة عليها، ولا يمكن اتخاذ الأبنية منه لتعذر حفرها وتركيبها كما يراد ؛ وأن لا تكون في غاية اللين/ كالماء الذي تغوص فيه الرجل : الشرط الثالث : أن لا تكون في غاية اللطافة والشفافية فإن الشفاف لا يستقر النور عليه، وما كان كذلك فإنه لا يتسخن من الكواكب والشمس، فكان يبرد جداً / فجعل الله كونه أغبر، ليستقر النور عليه فيتسخن فيصلح أن يكون فراشاً للحيوانات. الشرط الرابع : أن تكون بارزة من الماء، لأن طبع الأرض أن يكون غائصاً في الماء فكان يجب أن تكون البحار محيطة بالأرض، ولو كانت كذلك لما كانت فراشاً لنا، فقلب الله طبيعة الأرض وأخرج بعض جوانبها من الماء كالجزيرة البارزة حتى صلحت لأن تكون فراشاً لنا، ومن الناس من زعم أن الشرط في كون الأرض فراشاً أن لا تكون كرة، واستدل بهذه الآية على أن الأرض ليست كرة، وهذا بعيد جداً، لأن الكرة إذا عظمت جداً كانت القطعة منها كالسطح في إمكان الاستقرار عليه، والذي يزيده تقريراً أن الجبال أوتاد الأرض ثم يمكن الاستقرار عليها، فهذا أولى والله أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣١٩
المسألة الخامسة : في سائر منافع الأرض وصفاتها. فالمنفعة الأولى : الأشياء المتولدة فيها من المعادن والنبات والحيوان والآثار العلوية والسفلية لا يعلم تفاصيلها إلا الله تعالى الثانية : أن يتخمر الرطب بها فيحصل التماسك في أبدان المركبات. الثالثة : اختلاف بقاع الأرض، فمنها أرض رخوة، وصلبة، ورملة، وسبخة، وحرة، وهي قوله تعالى :﴿وَفِى الارْضِ قِطَعٌ مُّتَجَـاوِرَاتٌ﴾ (الرعد : ٤) وقال :﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُه بِإِذْنِ رَبِّه ا وَالَّذِى خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا ﴾ (الأعراف : ٥٨) الرابعة : اختلاف ألوانها فأحمر، وأبيض، وأسود، ورمادي اللون، وأغبر، على ما قال تعالى :﴿وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدُا بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾. الخامسة : انصداعها بالنبات، قال تعالى :﴿وَالارْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ (الطارق : ١٢). السادسة : كونها خازنة للماء المنزل من السماء وإليه الإشارة بقوله تعالى :﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءَا بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّـاهُ فِى الارْضِا وَإِنَّا عَلَى ذَهَابا بِه لَقَـادِرُونَ﴾ (المؤمنون : ١٨) وقوله :﴿قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَآءٍ مَّعِين ﴾ (الملك : ٣٠) السابعة : العيون والأنهار العظام التي فيها وإليه الإشارة بقوله) ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ وَأَنْهَـارًا ﴾. الثامنة : ما فيها من المعادن والفلزات، وإليه الإشارة بقوله تعالى :﴿وَالارْضَ مَدَدْنَـاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنابَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَىْءٍ مَّوْزُونٍ﴾ (الحجر : ١٩) ثم بين بعد ذلك تمام البيان، فقال :﴿وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلا عِندَنَا خَزَآاـاِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُه ا إِلا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾ (الحجر : ٢١). التاسعة : الخبء الذي تخرجهالأرض من الحب والنوى قال تعالى :﴿إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى ﴾ (الأنعام : ٩٥) وقال :﴿يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ (النحل : ٢٥) ثم إن الأر لها طبع الكرم لأنك تدفع إليها حبة واحدة، وهي تردها عليك سبعمائة
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣١٩