المسألة الأولى : قال ابن عباس في رواية عطاء نزلت هذه الآية في وفد ثقيف أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فسألوه شططاً، وقالوا متعنا باللات سنة وحرم وادينا كما حرمت مكة شجرها وطيرها ووحشها فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولم يجبهم فكرروا ذلك الالتماس، وقالوا إنا نحب أن تعرف العرب فضلنا عليهم، فإن كرهت ما نقول وخشيت أن تقول العرب أعطيتهم ما لم تعطنا، فقل : الله أمرني بذلك فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلّم عنهم وداخلهم الطمع، فصاح عليهم عمر وقال : أما ترون رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد أمسك عن الكلام كراهية لما تذكرونه ؟
فأنزل الله هذه الآية، وروى صاحب "الكشاف" أنهم جاءوا بكاتبهم فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله إلى ثقيف لا يعشرون ولا يحشرون، فقالوا ولا يجبون، فسكت رسول الله، ثم قالوا للكاتب : اكتب ولا يجبون والكاتب ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقام عمر بن الخطاب وسل سيفه، وقال : أسعرتم قلب نبينا يا معشر قريش، أسعر الله قلوبكم ناراً. فقالوا لسنا نكلمك إنما نكلم محمداً، فنزلت هذه الآية واعلم أن هذه القصة إنما وقعت بالمدينة فلهذا السبب قالوا إن هذه الآيات مدنية. وروى أن قريشاً قالوا له : اجعل آية رحمة آية عذاب وآية عذاب آية رحمة، حتى نؤمن بك. فنزلت هذه الآية وقال الحسن : الكفار أخذوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليلة بمكة قبل الهجرة فقالوا : كف يا محمد عن ذم آلهتنا وشتمها فلو كان ذلك حقاً كان فلان وفلان بهذا الأمر أحق منك فوقع في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يكف عن شتم آلهتهم. وعلى هذا التقدير فهذه الآية مكية، وعن سعيد بن جبير أنه عليه السلام كان يستلم الحجر فتمنعه قريش ويقولون لا ندعك حتى تستلم آلهتنا فوقع في نفسه أن يفعل ذلك مع كراهية، فنزلت هذه الآية.
جزء : ٢١ رقم الصفحة : ٣٨٠