جزء : ٢١ رقم الصفحة : ٤٢٤
البحث الرابع : اختلف النحويون في انتصاب قوله :﴿قَيِّمًا﴾ وذكروا فيه وجوهاً. الأول : قال صاحب "الكشاف" لا يجوز جعله حالاً من الكتاب لأن قوله :﴿وَلَمْ يَجْعَل لَّه عِوَجَا ﴾ معطوف على قوله :﴿أَنزَلَ﴾ فهو داخل في حيز الصلة فجعله حالاً من الكتاب يوجب الفصل بين الحال وذي الحال ببعض الصلة، وأنه لا يجوز. قال : ولما بطل هذا وجب أن ينتصب بمضمر والتقدير :﴿وَلَمْ يَجْعَل لَّه عِوَجَا ﴾ ـ وجعله ـ ﴿قَيِّمًا﴾. الوجه الثاني : قال الأصفهاني الذي نرى فيه أن يقال قوله :﴿وَلَمْ يَجْعَل لَّه عِوَجَا ﴾ حال وقوله :﴿قَيِّمًا﴾ حال أخرى وهما حالان متواليان والتقدير أنزل على عبده الكتاب غير مجعول له عوجاً قيماً. الوجه الثالث : قال السيد صاحب "حل العقد" / يمكن أن يكون قوله :﴿قَيِّمًا﴾ بدلاً من قوله :﴿وَلَمْ يَجْعَل لَّه عِوَجَا ﴾ لأن معنى :﴿وَلَمْ يَجْعَل لَّه عِوَجَا ﴾ أنه جعله مستقيماً فكأنه قيل :﴿أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَـابَ﴾ وجعله :﴿قَيِّمًا﴾. الوجه الرابع : أن يكون حالاً من الضمير في قوله :﴿وَلَمْ يَجْعَل لَّه عِوَجَا ﴾ أي حال كونه قائماً بمصالح العباد وأحكام الدين، واعلم أنه تعالى لما ذكر أنه :﴿أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَـابَ﴾ الموصوف بهذه الصفات المذكورة أردفه ببيان ما لأجله أنزله فقال :﴿لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ﴾ وأنذر متعد إلى مفعولين كقوله :﴿إِنَّآ أَنذَرْنَـاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا﴾ (النبإ : ٤٠) إلا أنه اقتصر ههنا على أحدهما وأصله ﴿لِّيُنذِرَ﴾ ـ الذين كفروا ـ ﴿بَأْسًا شَدِيدًا﴾ كما قال في ضده :﴿وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ والبأس مأخوذ من قوله تعالى :﴿بِعَذَابا بَئِيس ﴾ وقد بؤس العذاب وبؤس الرجل بأساً وبآسة وقوله :﴿مِّن لَّدُنْهُ﴾
جزء : ٢١ رقم الصفحة : ٤٢٤


الصفحة التالية
Icon