﴿سَلَـامٌ قَوْلا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ﴾ (يس : ٥٨). السؤال الثالث : ما إعراب قوله :﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَـامُوسَى ﴾ الجواب، قال صاحب "الكشاف" :(تلك بيمينك) كقوله :﴿وَهَـاذَا بَعْلِى شَيْخًا ﴾ (هود : ٧٢) في انتصاب الحال بمعنى الإشارة ويجوز أن يكون تلك اسماً موصولاً وصلته ﴿بِيَمِينِكَ﴾ قال الزجاج : معناه وما التي بيمينك، قال الفراء : معناه ما هذه التي في يمينك، واعلم أنه سبحانه لما سأل موسى عليه السلام عن ذلك أجاب موسى عليه السلام بأربعة أشياء، ثلاثة على التفصيل وواحد على الإجمال. الأول : قوله :﴿هِىَ عَصَاىَ﴾ قرأ ابن أبي إسحق :(هي عصي) ومثلها :(يا بشرى) قرأ الحسن (هي عصاي) بسكون الياء والنكث ههنا ثلاثة. إحداها : أنه قال :﴿هِىَ عَصَاىَ﴾ فذكر العصا ومن كان قلبه مشغولاً بالعصا ومنافعها كيف يكون مستغرقاً في بحر معرفة الحق ولكن محمداً صلى الله عليه وسلّم عرض عليه الجنة والنار فلم يلتفت إلى شيء :﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ (النجم : ١٧) ولما قيل له امدحنا، قال :"لا أحصي ثناء عليك" ثم نسي نفسه ونسي ثناءه فقال :"أنت كما أثنيت على نفسك". وثانيها : لما قال :﴿عَصَاىَ﴾ قال الله سبحانه وتعالى :﴿أَلْقِهَا﴾، فلما ألقاها ﴿فَإِذَا هِىَ حَيَّةٌ تَسْعَى ﴾ ليعرف أن كل ما سوى الله فالالتفات إليه شاغل وهو كالحية المهلكة لك. ولهذا قال الخليل عليه السلام :﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّى إِلا رَبَّ الْعَـالَمِينَ﴾ وفي الحديث :"يجاء يوم القيامة بصاحب المال الذي لم يؤد زكاته ويؤتي بذلك المال على صورة شجاع أقرع" الحديث بتمامه. وثالثها : أنه قال هي عصاي فقد تم الجواب، إلا أنه عليه السلام ذكر الوجوه الأخر لأنه كان يحب المكالمة مع ربه فجعل ذلك كالوسيلة إلى تحصيل هذا الغرض. الثاني : قوله :﴿قَالَ هِىَ﴾ والتوكي، والإتكاء، واحد كالتوقي، والإتقاء معناه اعتمد عليها إذا عييت أو وقفت على رأس القطيع أو عند الطفرة فجعل موسى عليه السلام نفسه متوكئاً على العصا وقال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلّم :"اتكىء على رحمتي" بقوله تعالى :
جزء : ٢٢ رقم الصفحة : ٢٨


الصفحة التالية
Icon