فيرجع من إنكاره إلى الإقرار بالحق وإن لم ينتقل من الإنكار إلى الإقرار لكنه يحصل في قلبه الخوف فيترك الإنكار وإن كان لا ينتقل إلى الإقرار فإن هذا خير من الإصرار على الإنكار واعلم أن هذا التكليف لا يعلم سره إلا الله تعالى لأنه تعالى لما علم أنه لا يؤمن قط كان إيمانه ضداً لذلك العلم الذي يمتنع زواله فيكون سبحانه عالماً بامتناع ذلك الإيمان وإذا كان عالماً بذلك فكيف أمر موسى عليه السلام بذلك الرفق وكيف بالغ في ذلك الأمر بتلطيف دعوته إلى الله تعالى مع علمه استحالة حصول ذلك منه ؟
ثم هب أن المعتزلة ينازعون في هذا الامتناع من غير أن يذكروا شبهة قادحة في هذا السؤال ولكنهم سلموا أنه كان عالماً بأنه لايحصل ذلك الإيمان وسلموا أن فرعون لا يستفيد ببعثة موسى عليه السلام إلا استحقاق العقاب والرحيم الكريم كيف يليق به أن يدفع سكيناً إلى من علم قطعاً أنه يمزق بها بطن نفسه ثم يقول : إني ما أردت بدفع السكين إليه إلا الإحسان إليه ؟
يا أخى العقول قاصرة عن معرفة هذه الأسرار ولا سبيل فيها إلا التسليم وترك الاعتراض والسكوت بالقلب واللسان، ويروى عن كعب أنه قال : والذي يحلف به كعب إنه لمكتوب في التوراة : فقولا له قولاً ليناً وسأقسي قلبه فلا يؤمن.
جزء : ٢٢ رقم الصفحة : ٥٣
فيرجع من إنكاره إلى الإقرار بالحق وإن لم ينتقل من الإنكار إلى الإقرار لكنه يحصل في قلبه الخوف فيترك الإنكار وإن كان لا ينتقل إلى الإقرار فإن هذا خير من الإصرار على الإنكار واعلم أن هذا التكليف لا يعلم سره إلا الله تعالى لأنه تعالى لما علم أنه لا يؤمن قط كان إيمانه ضداً لذلك العلم الذي يمتنع زواله فيكون سبحانه عالماً بامتناع ذلك الإيمان وإذا كان عالماً بذلك فكيف أمر موسى عليه السلام بذلك الرفق وكيف بالغ في ذلك الأمر بتلطيف دعوته إلى الله تعالى مع علمه استحالة حصول ذلك منه ؟
ثم هب أن المعتزلة ينازعون في هذا الامتناع من غير أن يذكروا شبهة قادحة في هذا السؤال ولكنهم سلموا أنه كان عالماً بأنه لايحصل ذلك الإيمان وسلموا أن فرعون لا يستفيد ببعثة موسى عليه السلام إلا استحقاق العقاب والرحيم الكريم كيف يليق به أن يدفع سكيناً إلى من علم قطعاً أنه يمزق بها بطن نفسه ثم يقول : إني ما أردت بدفع السكين إليه إلا الإحسان إليه ؟
يا أخى العقول قاصرة عن معرفة هذه الأسرار ولا سبيل فيها إلا التسليم وترك الاعتراض والسكوت بالقلب واللسان، ويروى عن كعب أنه قال : والذي يحلف به كعب إنه لمكتوب في التوراة : فقولا له قولاً ليناً وسأقسي قلبه فلا يؤمن.
جزء : ٢٢ رقم الصفحة : ٥٣
٥٦
اعلم أن قوله :﴿قَالا رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ﴾ فيه أسئلة :
السؤال الأول : قوله :﴿قَالا رَبَّنَآ﴾ يدل على أن المتكلم بذلك موسى وهرون عليهما السلام وهرون لم يكن حاضراً هذا المقال فكيف ذلك وجوابه قد تقدم.
السؤال الثاني : أن موسى عليه السلام قال :﴿رَبِّ اشْرَحْ لِى صَدْرِى﴾ (طه : ٢٥) فأجابه الله تعالى بقوله :﴿قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَـامُوسَى ﴾ (طه : ٣٦) وهذا يدل على أنه قد انشرح صدره وتيسر أمره فكيف قال بعده :﴿إِنَّنَا نَخَافُ﴾ فإن حصول الخوف يمنع من حصول شرح الصدر. والجواب : أن شرح الصدر عبارة عن تقويته على ضبط تلك الأوامر والنواحي وحفظ تلك الشرائع على وجه لا يتطرق إليه السهو والتحريف وذلك شيء آخر غير زوال الخوف.
السؤال الثالث : أما علم موسى وهرون وقد حملهما الله تعالى الرسالة أنه تعالى يؤمنهما من القتل الذي هو مقطعة عن الأداء. الجواب : قد أمنا ذلك وإن جوزا أن ينالهما السوء من قبل تمام الأداء أو بعده وأيضاً فإنهما استظهرا بأن سألا ربهما ما يزيد في ثبات قلبهما على دعائه وذلك بأن ينضاف الدليل النقلي إلى العقلي زيادة في الطمأنينة كما قال :﴿وَلَـاكِن لِّيَطْمَـاـاِنَّ قَلْبِى ﴾ (البقرة : ٢٦٠).
جزء : ٢٢ رقم الصفحة : ٥٦


الصفحة التالية
Icon