المسألة الثالثة : قيل المراد من قوله :﴿أَمَّنْ هُوَ قَـانِتٌ ءَانَآءَ الَّيْلِ﴾ عثمان لأنه كان يحيي الليل في ركعة واحدة ويقرأ القرآن في ركعة واحدة، والصحيح أن المراد منه كل من كان موصوفاً بهذه الصفة فيدخل فيه عثمان وغيره لأن الآية غير مقتصرة عليه.
المسألة الرابعة : لا شبهة في أن في الكلام حذفاً، والتقدير أمن هو قانت كغيره، وإما حسن هذا الحذف لدلالة الكلام عليه، لأنه تعالى ذكر قبل هذه الآية الكافر وذكر بعدها :﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾ وتقدير الآية قل هل يستوي الذين يعلمون وهم الذين صفتهم أنهم يقنتون آناء الليل سجداً وقياماً، والذين لا يعلمون وهم الذين وصفهم عند البلاء والخوف يوحدون وعند الراحة والفراغة يشركون، فإذا قدرنا هذا التقدير ظهر المراد وإنما وصف الله الكفار بأنهم لا يعلمون، لأنهم وإن آتاهم الله العلم إلا أنهم أعرضوا عن تحصيل العلم، فلهذا السبب جعلهم كأنهم ليسوا أولي الألباب من حيث إنهم لم ينتفعوا بعقولهم وقلوبهم.
جزء : ٢٦ رقم الصفحة : ٤٣٩
وأما قوله تعالى :﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾ فهو تنبيه عظيم على فضيلة العلم، وقد بالغنا في تقرير هذا المعنى في تفسير قوله تعالى :﴿وَعَلَّمَ ءَادَمَ الاسْمَآءَ كُلَّهَا﴾ (البقرة : ٣١) قال صاحب "الكشاف" أراد بالذين يعلمون الذين سبق ذكرهم وهم القانتون، وبالذين لا يعلمون الذين لا يأتون بهذا العمل كأنه جعل القانتين هم العلماء، وهو تنبيه على أن من يعمل فهو غير عالم، ثم قال وفيه ازدراء عظيم بالذين يقتنون العلوم ثم لا يقنتون، ويفتنون فيها ثم يفتنون بالدنيا فهم عند الله جهلة.
ثم قال تعالى :﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الالْبَـابِ﴾ يعني هذا التفاوت العظيم الحاصل بين العلماء والجهال لا يعرفه أيضاً إلا أولوا الألباب، قيل لبعض العلماء : إنكم تقولون العلم أفضل من المال ثم نرى العلماء يجتمعون عند أبواب الملوك، ولا نرى الملوك مجتمعين عند أبواب العلماء، فأجاب العالم بأن هذا أيضاً يدل على فضيلة العلم لأن العلماء علموا ما في المال من المنافع فطلبوه، والجهال لم يعرفوا ما في العلم من المنافع فلا جرم تركوه.
جزء : ٢٦ رقم الصفحة : ٤٣٩
وأما قوله تعالى :﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾ فهو تنبيه عظيم على فضيلة العلم، وقد بالغنا في تقرير هذا المعنى في تفسير قوله تعالى :﴿وَعَلَّمَ ءَادَمَ الاسْمَآءَ كُلَّهَا﴾ (البقرة : ٣١) قال صاحب "الكشاف" أراد بالذين يعلمون الذين سبق ذكرهم وهم القانتون، وبالذين لا يعلمون الذين لا يأتون بهذا العمل كأنه جعل القانتين هم العلماء، وهو تنبيه على أن من يعمل فهو غير عالم، ثم قال وفيه ازدراء عظيم بالذين يقتنون العلوم ثم لا يقنتون، ويفتنون فيها ثم يفتنون بالدنيا فهم عند الله جهلة.
ثم قال تعالى :﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الالْبَـابِ﴾ يعني هذا التفاوت العظيم الحاصل بين العلماء والجهال لا يعرفه أيضاً إلا أولوا الألباب، قيل لبعض العلماء : إنكم تقولون العلم أفضل من المال ثم نرى العلماء يجتمعون عند أبواب الملوك، ولا نرى الملوك مجتمعين عند أبواب العلماء، فأجاب العالم بأن هذا أيضاً يدل على فضيلة العلم لأن العلماء علموا ما في المال من المنافع فطلبوه، والجهال لم يعرفوا ما في العلم من المنافع فلا جرم تركوه.
جزء : ٢٦ رقم الصفحة : ٤٣٩
٤٤٠
اعلم أنه تعالى لما بين نفي المساواة بين من يعلم وبين من لا يعلم، أتبعه بأن أمر رسوله بأن يخاطب المؤمنين بأنواع من الكلام :
النوع الأول : قوله :﴿قُلْ يَـاعِبَادِ الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ﴾ والمراد أن الله تعالى أمر المؤمنين بأن يضموا إلى الإيمان التقوى، وهذا من أول الدلائل على أن الإيمان يبقى مع المعصية، قال القاضي : أمرهم بالتقوى ليكلا يحبطوا إيمانهم، لأن عند الاتقاء من الكبائر يسلم لهم الثواب وبالإقدام عليها يحبط، فيقال له هذا بأن يدل على ضد قولك أولى، لأنه لما أمر المؤمنين بالتقوى دل ذلك على أنه يبقى مؤمناً مع عدم التقوى، وذلك يدل على أن الفسق لا يزيل الإيمان.
جزء : ٢٦ رقم الصفحة : ٤٤٠


الصفحة التالية
Icon