الأول : القسم من الله وقع بأمر واحد، كما في قوله تعالى :﴿وَالْعَصْرِ﴾ وقوله تعالى :﴿وَالنَّجْمِ﴾ وبحرف واحد، كما في قوله تعالى :﴿ ﴾ و﴿ ﴾ ووقع بأمرين، كما في قوله تعالى :﴿وَالضُّحَى * وَالَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴾ وفي قوله تعالى :﴿وَالسَّمَآءِ وَالطَّارِقِ﴾ وبحرفين، كما في قوله تعالى :﴿طه﴾ و﴿طسا ﴾ و﴿يس ﴾ و﴿حم ﴾ وبثلاثة أمور، كما في قوله تعالى :﴿وَالصَّـا فَّـاتِ صَفًّا * فَالزاَّجِرَاتِ زَجْرًا * فَالتَّـالِيَـاتِ ذِكْرًا﴾ وبثلاثة أحرف، كما في ﴿ الر ﴾ وفي ﴿طسام ﴾ وبأربعة أمور، كما في ﴿وَالذَّارِيَـاتِ ذَرْوًا﴾ وفي ﴿وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ﴾ وفي ﴿وَالتِّينِ﴾ وبأربعة أحرف، كما في ﴿ المص ﴾ وبخمسة أمور، كما في ﴿يُوعَدُونَ * وَالطُّورِ﴾ وفي ﴿وَالْمُرْسَلَـاتِ﴾ وفي ﴿وَالنَّـازِعَـاتِ﴾ وفي ﴿وَالْفَجْرِ﴾ وبخمسة أحرف، كما في ﴿كاهيعاص ﴾ ولم يقسم بأكثر من خمسة أشياء إلا في سورة واحدة وهي ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَـاـاهَا﴾ ولم يقسم بأكثر من خمسة أصول، لأنه يجمع كلمة الاستثقال، ولما استثقل حين ركب لمعنى، كان استثقالها حين ركب من غير إحاطة العلم بالمعنى أو لا لمعنى كان أشد.
جزء : ٢٨ رقم الصفحة : ١١٩
البحث الثاني : عند القسم بالأشياء المعهودة، ذكر حرف القسم وهي الواو، فقال :﴿وَالطُّورِ﴾ ﴿وَالنَّجْمِ﴾ ﴿وَالشَّمْسُ﴾ وعند القسم بالحروف لم يذكر حرف القسم، فلم يقل و﴿قا ﴾ لأن القسم لما كان بنفس الحروف كان الحرف مقسماً به، فلم يورده في موضع كونه آلة القسم تسوية بين الحروف.
البحث الثالث : أقسم الله بالأشياء : كالتين والطور، ولم يقسم بأصولها، وهي الجواهر /الفردة والماء والتراب. وأقسم بالحروف من غير تركيب، لأن الأشياء عنده يركبها على أحسن حالها، وأما الحروف إن ركبت بمعنى، يقع الحلف بمعناه لا باللفظ، كقولنا (والسماء والأرض) وإن ركبت لا بمعنى، كان المفرد أشرف، فأقسم بمفردات الحروف.
البحث الرابع : أقسم بالحروف في أول ثمانية وعشرين سورة، وبالأشياء التي عددها عدد الحروف، وهي غير ﴿مُّظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ﴾ في أربع عشرة سورة، لأن القسم بالأمور غير الحروف وقع في أوائل السور وفي أثنائها، كقوله تعالى :﴿كَلا وَالْقَمَرِ * وَالَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ﴾ (المدثر : ٣٢، ٣٣) وقوله تعالى :﴿وَالَّيْلِ وَمَا وَسَقَ﴾ (الانشقاق : ١٧) وقوله ﴿وَالَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ﴾ (التكوير : ١٧) والقسم بالحروف لم يوجد ولم يحسن إلا في أوائل السور، لأن ذكر ما لا يفهم معناه في أثناء الكلام المنظوم المفهوم يخل بالفهم، ولما كان القسم بالأشياء له موضعان والقسم بالحروف له موضع واحد جعل القسم بالأشياء في أوائل السور على نصف القسم بالحروف في أوائلها.
جزء : ٢٨ رقم الصفحة : ١١٩