الخلق الكثير، من الطعام القليل ومعجزاته أكثر من أن تحصى وتعد، فلهذا قدمه الله على الذين اصطفاهم/ فقال :
جزء : ٣٢ رقم الصفحة : ٣٢٣
﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّنَ مِيثَـاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ﴾ فلما كانت رسالته كذلك جاز أن يسميها الله تعالى كوثراً، فقال :﴿إِنَّآ أَعْطَيْنَـاكَ الْكَوْثَرَ﴾ القول السادس : الكوثر هو القرآن، وفضائله لا تحصى، ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِى الارْضِ مِن شَجَرَةٍ﴾ ﴿قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَـاتِ رَبِّى﴾ القول السابع : الكوثر الإسلام، وهو لعمري الخير الكثير، فإن به يحصل خير الدنيا والآخرة. وبفواته يفوت خير الدنيا وخير الآخرة، وكيف لا والإسلام عبارة عن المعرفة، أو مالا بد فيه من المعرفة، قال :﴿وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ وإذا كان الإسلام خيراً كثيراً فهو الكوثر، فإن قيل : لم خصه بالإسلام، مع أن نعمه عمت الكل ؟
قلنا : لأن الإسلام وصل منه إلى غيره، فكان عليه السلام كالأصل فيه القول الثامن : الكوثر كثرة الأتباع والأشياع، ولا شك أن له من الأتباع مالا يحصيهم إلا الله، وروى أنه عليه الصلاة والسلام، قال :"أنا دعوة خليل الله إبراهيم، وأنا بشرى عيسى، وأنا مقبول الشفاعة يوم القيامة، فبيناً أكون مع الأنبياء، إذ تظهر لنا أمة من الناس فنبتدرهم بأبصارنا ما منا من نبي إلا وهو يرجو أن تكون أمته، فإذا هم غر محجلون من آثار الوضوء، فأقول : أمتي ورب الكعبة فيدخلون الجنة بغير حساب ثم يظهر لنا مثلاً ما ظهر أولاً / فنبتدرهم بأبصارنا ما من نبي إلا ويرجو أن تكون أمته فإذا هم غر محجلون من آثار الوضوء فأقول : أمتي ورب الكعبة، فيدخلون الجنة بغير حساب، ثم يرفع لنا ثلاثة أمثال ما قد رفع فنبتدرهم، وذكر كما ذكر في المرة الأولى والثانية، ثم قال : ثلاث فرق من أمتي الجنة قبل أن يدخلها أحد من الناس" ولقد قال عليه الصلاة والسلام :"تناكحوا تناسلوا تكثروا، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة، ولو بالسقط" فإذا كان يباهي بمن لم يبلغ حد التكليف، فكيف بمثل هذا الجم الغفير، فلا جرم حسن منه تعالى أن يذكره هذه النعمة الجسيمة فقال :﴿إِنَّآ أَعْطَيْنَـاكَ الْكَوْثَرَ﴾ القول التاسع :﴿الْكَوْثَرَ﴾ الفضائل الكثيرة التي فيه، فإنه باتفاق اومة أفضل من جميع الأنبياء، قال المفضل بن سلمة : يقال رجل كوثر إذا كان سخياً كثير الخير، وفي صحاح اللغة :
جزء : ٣٢ رقم الصفحة : ٣٢٣


الصفحة التالية
Icon