المسألة الثانية ؛ روي عن عطاء والربيع بن أنس أن المراد بهذه المخاطبة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم بعد الهجرة.
المسألة الثالثة : أما أن الإبتلاء كيف يصح على الله تبارك وتعالى فقد تقدم في تفسير قوله تعالى :﴿وَإِذِ ابْتَلَى ا إِبْرَاه مَ رَبُّه ﴾ (البقرة : ١٢٤) وأما الحكمة في تقديم تعريف هذا الإبتلاء ففيها وجوه. أحدها : ليوطنوا أنفسهم على الصبر عليها إذا وردت، فيكون ذلك أبعد لهم عن الجزع، وأسهل عليهم / بعد الورود. وثانيها : أنهم إذا علموا أنه ستصل إليهم تلك المحن، اشتد خوفهم، فيصير ذلك الخوف تعجيلاً للابتلاء، فيستحقون به مزيد الثواب. وثالثها : أن الكفار إذا شاهدوا محمداً وأصحابه مقيمين على دينهم مستقرين عليه مع ما كانوا عليه من نهاية الضر والمحنة والجوع، يعلمون أن القوم إنما اختاروا هذا الدين لقطعهم بصحته، فيدعوهم ذلك إلى مزيد التأمل في دلائله، ومن المعلوم الظاهر أن التبع إذا عرفوا أن المتبوع في أعظم المحن بسبب المذهب الذي ينصره، ثم رأوه مع ذلك مصراً على ذلك المذهب كان ذلك أدعى لهم إلى اتباعه مما إذا رأوه مرفه الحال لا كلفة عليه في ذلك المذهب. ورابعها : أنه تعالى أخبر بوقوع ذلك الابتلاء قبل وقوعه، فوجد مخبر ذلك الخبر على ما أخبر عنه فكان ذلك إخباراً عن الغيب فكان معجزاً. وخامسها : أن من المنافقين من أظهر متابعة الرسول طمعاً منه في المال وسعة الرزق فإذا اختبره تعالى بنزول هذه المحن فعند ذلك يتميز المنافق عن الموافق لأن المنافق إذا سمع ذلك نفر منه وترك دينه فكان في هذا الإختبار هذه الفائدة. وسادسها : أن إخلاص الإنسان حالة البلاء ورجوعه إلى باب الله تعالى أكثر من إخلاصه حال إقبال الدنيا عليه، فكانت الحكمة في هذا الإبتلاء ذلك.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٢٨
المسألة الرابعة : إنما قال بشيء على الوحدان، ولم يقل بأشياء على الجمع لوجهين. الأول : لئلا يوهم بأشياء من كل واحد، فيدل على ضروب الخوف والتقدير بشيء من كذا وشيء من كذا. الثاني : معناه بشيء قليل من هذه الأشياء.


الصفحة التالية
Icon