وأخرج أبو داود أحد هذه الأحاديث وفي آخره قال - أي رسول الله ﷺ – "لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث" ١.
ولعل نهي الرسول ﷺ هذا بسبب أنه يخشى على أمته من الملل، فإذا طال العمر يدبُّ الوهن إلى جسم الإنسان وقد يصيبه الفتور. ولكن القليل الدائم خير من الكثير المنقطع.
وقد أخرج الإمام مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم يكن رسول الله ﷺ في الشهر من السنة أكثر صياماً منه في شعبان وكان يقول: "خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لن يملَّ حتى تملوا" وكان يقول: "أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل" ٢.
ومما يدل على أن الرسول ﷺ إنما نهى عن الإسراع في القراءة خوفاً على أتباعه من الملل ما ثبت عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل" ٣.
وثمة سبب آخر لنهيه عليه الصلاة والسلام عن الإسراع ألا وهو الحث على التدبر فالإسراع في التلاوة وتدبر المعاني نقيضان قد لا يلتقيان. وقد سبق ذكر الحديث الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث". وأخرج مسلم بسنده عن شقيق قال:
٢ صحيح مسلم رقم ٧٨٢.
٣ أخرجه مسلم في صحيحه ١١٥٩.