٣- الإطناب وذلك في قوله [ ولو شاء الله ما اقتتلوا ] حيث كرر جملة [ ولو شاء
الله ].
٤- [ والكافرون هم الظالمون ] فيه قصر الصفة على الموصوف، وقد أكدت بالجملة
الأسمية وبضمير الفصل، فكأن الظلم قاصر عليهم لا يجاوزهم إلى غيرهم.
فائدة :
روي عن عطاء بن دينار أنه قال : الحمد لله الذي قال [ والكافرون هم الظالمون ] ولم
يقل " والظالمون هم الكافرون " ومراده أنه لو نزل هكذا لكان قد حكم على كل ظالم
بالكفر، فلم يخلص منه إلا من عصمه الله تعالى.
تنبيه :
يحتمل أن يراد بالكفر المعنى الحقيقي أو المجازي فيكون المراد بالكافر تارك
الزكاة، كما ذهب إليه الزمخشري حيث قال أراد والتاركون للزكاة هم الظالمون،
وإيثاره عليه للتغليظ والتهديد كما في آية الحج [ ومن كفر ] مكان [ ومن لم يحج ]
ولأنه جعل ترك الزكاة من صفات الكفار في قوله تعالى [ وويل للمشركين الذين لا
يؤتون الزكاة ].
قال الله تعالى :[ الله لا إله إلا هو الحي القيوم.. إلى.. أولئك أصحاب النار
هم فيها خالدون ] من آية (٢٥٥) إلى نهاية آية (٢٥٧).
المناسبة :
لما ذكر تعالى تفضيل بعض الأنبياء على بعض، وبين أن الخلائق قد اختلفوا من
بعدهم، وتنازعوا وتقاتلوا بسبب الدين، ذكر أن هذا التفضيل بين الأنبياء لا
يستدعي الصراع بين الأتباع، ولا الخصام والنزاع، فالرسل صلوات الله عليم وإن
كانوا متفاوتين في الفضل، إلا أنهم جميعا جاءوا بدعوة واحدة هي (دعوة التوحيد)
فرسالتهم واحدة، ودينهم واحد، وانه لا إكراه في الدين، فقد سطع نور الحق وأشرق
ضياؤه.
اللغة :
[ الحي ] ذو الحياة الكاملة ومعناه الباقي الدائم الذي لا سبيل للفناء عليه
[ القيوم ] القائم بتدبير الخلق
[ سنة ] بكسر السين النعاس، وهو ما يسبق النوم من فتور قال الشاعر :
وسنان أقعده النعاس فرنقت في عينه سنة وليس بنائم
[ يؤوده ] يثقله ويتعبه
[ العلي ] المراد علو المنزلة والشأن، الذي تعالى في جلاله، وعظم في سلطانه
[ إكراه ] الإكراه : حمل الشخص على ما يكره بطريق القسر والجبر
[ الطاغوت ] من الطغيان وهو كل ما يطغي الإنسان ويضله عن طريق الحق والهدى
[ الوثقى ] مؤنث الأوثق وهو الشيء المحكم الموثق
[ انفصام ] الانفصام : الانكسار، قال الفراء : الانفصام والانقصام لغتان وبالفاء
أفصح وقال بعضهم : الفصم : انكسار بغير بينونة، والقصم : انكسار ببينونة.
سبب النزول :
كان لرجل من الأنصار ابنان تنصرا قبل بعثة النبي (ص) ثم قدما المدينة في نفر من
التجار يحملون الزيت، فلزمهما أبوهما وقال : لا أدعكما حتى تسلما، فنزلت [ لا
إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ]. (( وهذه الرواية ذكرها ابن كثير عن
ابن جرير الطبري، والآية منسوخة بآية القتال لقوله تعالى (تقاتلونهم أو يسلمون)
)) الآية، فبين تعالى أنه لا يجبر أحد بالكره على الإيمان، لأن الحق واضح.
التفسير :
[ الله لا إله إلا هو الحي القيوم ] أي هو الله جل جلاله الواحد الأحد الفرد
الصمد، ذو الحياة الكاملة، الباقي الدائم الذي لا يموت، القائم على تدبير شؤون
الخلق، بالرعاية والحفظ والتدبير
[ لا تأخذه سنة ولا نوم ] أي لا يأخذه نعاس ولا نوم، كما ورد في الحديث الصحيح :
" إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه "
[ له ما في السموات وما في الأرض ] أي جميع ما في السموات والأرض ملكه وعبيده،
وتحت قهره وسلطانه
[ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ] أي لا أحد يستطيع أن يشفع لأحد إلا إذا أذن
له الله تعالى، قال ابن كثير : وهذا بيان لعظمه وجلاله وكبريائه بحيث لا يتجاسر
أحد على الشفاعة إلا بإذن المولى
[ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ] أي يعلم ما هو حاضر مشاهد لهم وهو (الدنيا)
[ وما خلفهم ] أي أمامهم وهو (الآخرة)، فقد أحاط علمه بالكائنات والعوالم