سورة آل عمران
مدنية واياتها مائتان
بين يدي السورة
سورة ال عمران من السور المدنية الطويلة، وقد اشتملت هذه السورة الكريمة على ركنين هامين من اركان الدين هما :
الاول : ركن العقيدة واقامة الادلة والبراهين على وحدانية الله جل وعلا.
الثاني : التشريع وبخاصة فيما يتعلق بالمغازي والجهاد في سبيل الله.
اما الاول فقد جاءت الايات الكريمة لاثبات الوحدانية، والنبوة، واثبات صدق القران، والرد على الشبهات التي يثيرها اهل الكتاب حول الاسلام والقران، وامر محمد عليه الصلاة والسلام، واذا كانت سورة البقرة قد تناولت الحديث عن (الزمرة الاولى ) من اهل الكتاب وهم " اليهود واظهرت حقيقتهم، وكشفت عن نواياهم وخباياهم، وما انطوت عليه نفوسهم من خبث ومكر، فان سورة ال عمران قد تناولت (الزمرة الثانية) من اهل الكتاب وهم " النصارى الذين جادلوا في شان المسيح وزعموا الوهيته، وكذبوا برسالة محمد وانكروا القران، وقد تناول الحديث عنهم ما يقرب من نصف السورة الكريمة، وكان فيها الرد على الشبهات التي اثاروها، بالحجج الساطعة، والبراهين القاطعة، وبخاصة فيما يتعلق بشان مريم وعيسى عليه السلام، وجاء ضمن هذا الرد الحاسم بعض الاشارات والتقريعات لليهود، والتحذير للمسلمين من كيد ودسائس اهل الكتاب.
اما الركن الثاني فقد تناول الحديث عن بعض الاحكام الشرعية كفرضية الحج، والجهاد، وامور الربا وحكم مانع الزكاة، وقد جاء الحديث بالاسهاب عن الغزوات كغزوة بدر، وغزوة احد والدروس التي تلقاها المؤمنون من تلك الغزوات، فقد انتصروا في بدر، وهزموا في احد بسبب عصيانهم لامر الرسول (ص) وسمعوا بعد الهزيمة من الكفار والمنافقين كثيرا من كلمات الشماتة والتخذيل، فارشدهم تعالى الى الحكمة من ذلك الدرس، وهي ان الله يريد تطهير صفوف المؤمنين من ارباب القلوب الفاسدة، ليميز بين الخبيث والطيب، كما تحدثت الايات الكريمة بالتفصيل عن النفاق والمنافقين، وموقفهم من تثبيط همم المؤمنين، ثم ختمت بالتفكر والتدبر في ملكوت السموات والارض وما فيهما من اتقان وابداع، وعجائب واسرار، تدل على وجود الخالق الحكيم، وقد ختمت بذكر الجهاد والمجاهدين في تلك الوصية الفذة الجامعة، التي بها يتحقق الخير، ويعظم النصر، ويتم الفلاح والنجاح [ يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا، واتقوا الله لعلكم تفلحون ].
فضلها :
عن النواس بن سمعان قال سمعت النبي (ص) يقول :" يؤتى يوم القيامة بالقران واهله الذين كانوا يعملون به، تقدمهم سورة البقرة وال عمران ".
التسمية :
سميت السورة ب " ال عمران " لورود ذكر قصة تلك الاسرة الفاضلة " ال عمران "، وعمران هو والد مريم (ام عيسى )، وما تجلى فيها من مظاهر القدرة الالهية، بولادة السيدة مريم البتول وابنها عيسى عليهما السلام.
تفسيرسورة ال عمران
قال الله تعالى :[ الم. الله لا اله الا هو الحي القيوم.. الى.. ان الله لا يخلف الميعاد ] من اية ( ١ ) الى نهاية اية (٩)
اللغة :
[ الحي ] الدائم الذي لا يفنى ولا يموت.
[ القيوم ] القائم على تدبير شؤون العباد.
[ يصوركم ] التصوير : جعل الشيء على صورة معينة أى يخلقكم كما يريد.
[ الارحام ] جمع رحم وهو محل تكون الجنين.
[ محكمات ] المحكم : ما كان واضح المعنى، قال القرطبي :" المحكم ما عرف تاويله، وفهم معناه وتفسيره، والمتشابه : ما لم يكن لاحد الى علمه سبيل مما استاثر تعالى بعلمه دون خلقه، مثل الحروف المقطعة في اوائل السور، هذا احسن ما قيل فيه ".
[ ام الكتاب ] اصل الكتاب واساسه وعموده.
[ زيغ ] ميل عن الحق يقال : زاغ زبغا أى مال ميلا.