[ تاويله ] التاويل : التفسير واصله المرجع والمصير، من قولهم ال الامر الى كذا اذا صار اليه.
[ الراسخون ] الرسوخ : الثبوت في الشيء والتمكن منه قال الشاعر : لقد رسخت في القلب مني مودة لليلى ابت ايامها ان تغيرا.
سبب النزول :
نزلت هذه الايات في وفد نصارى نجران وكانوا ستين راكبا، فيهم اربعة عشر من اشرافهم ثلاثة منهم اكابرهم، قدموا على النبي (ص) فتكلم منهم اولئك الثلاثة معه فقالوا تارة عيسى هو (الله ) لانه كان يحى الموتى، وتارة هو (ابن الله ) اذ لم يكن له اب، وتارة انه (ثالث ثلاثة) لقوله تعالى :" فعلنا وقلنا " ولو كان واحدا لقال :" فعلت وقلت " فقال لهم رسول الله (ص) : الستم تعلمون ان ربنا حى لا يموت وان عيسى يموت ! !
قالوا : بلى.
قال : الستم تعلمون انه لا يكون ولد الا ويشبه اباه ! !
قالوا : بلى.
قال : الستم تعلمون ان ربنا قائم على كل شىء يكلؤه ويحفظه ويرزقه فهل يملك عيسى شينا من ذلك ؟
قالوا : لا.
قال : الستم تعلمون ان الله لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء ؟ فهل يعلم عيسى شيئا من ذلك الا ما علم ؟ قالوا : لا.
قال : الستم تعلمون ان ربنا لا ياكل الطعام، ولا يشرب الشراب، ولا يحدث الحدث ؟ وان عيسى كان يطعم الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث ! !
قالوا : بلى،
فقال (ص) : فكيف يكون كما زعمتم ؟
فسكتوا وابوا الا الجحود، فانزل الله تعالى اول السورة الى نيف وثمانين اية ردا عليهم
التفسير :
[ الم ] اشارة الى اعجاز القران، وانه منظوم من امثال هذه الحروف الهجائية، وقد تقدم في اول البقرة.
[ الله لا اله الا هو ] أى لا رب سواه ولا معبود بحق غيره
[ الحي القيوم ] أى الباقي الدائم الذي لا يموت، القائم على تدبير شؤون عباده
[ نزل عليك الكتاب بالحق ] أى نزل عليك يا محمد القران بالحجج والبراهين القاطعة
[ مصدقا لما بين يديه ] أى من الكتب المنزلة قبله المطابقة لما جاء به القران
[ وانزل التوراة والانجيل من قبل هدى للناس ] أى انزل الكتابين العظيمين " التوراة " و " الانجيل " من قبل انزال هذا القران هداية لبني اسرائيل
[ وانزل الفرقان ] أى جنس الكتب السماوية لانها تفرق بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وقيل : المراد بالفرقان القران وكرر تعظيما لشانه
[ ان الذبن كفروا بايات الله ] أى جحدوا بها وانكروها وردوها بالباطل
[ لهم عذاب شديد ] أى عظيم اليم في الاخرة
[ والله عزيز ذو انتقام ] أى غالب على امره لا يغلب، منتقم ممن عصاه
[ ان الله لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء ] أى لا يغيب ولا يخفى عن علمه امر من الامور، فهو مطلع على كل ما في الكون، لا تخفى عليه خافية
[ هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء ] أى يخلقكم في ارحام امهاتكم كما يشاء، من ذكر وانثى، وحسن وقبيح
[ لا اله الا هو العزبز الحكيم ] أى لا رب سواه، المتفرد بالوحدانية والالوهية، العزيز في ملكه الحكيم في صنعه، وفي الاية رد على النصارى حيث ادعوا (الوهية عيسى) فنبه تعالى بكون عيسى مصورا في الرحم، وانه لا يعلم الغيب، على انه عبد كغيره من العباد
[ هو الذي انزل عليك الكتاب ] أى انزل عليك يا محمد القران العظيم
[ فيه ايات محكمات هن ام الكتاب ] أى فيه ايات بينات واضحات الدلالة، لا التباس فيها ولا غموض، كايات الحلال والحرام، هن اصل الكتاب واساسه
[ واخر متشابهات ] أى وفيه ايات اخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس، فمن رد المتشابه الى الواضح المحكم فقد اهتدى، وان عكس فقد ضل، ولهذا قال تعالى
[ فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ] أى فاما من كان في قلبه ميل عن الهدى الى الضلال، فيتبع المتشابه منه، ويفسره على حسب هواه


الصفحة التالية
Icon