الرابعة : روى البخاري عن سعيد بن جبير ان رجلا قال لابن عباس : اني اجد في القران اشياء تختلف علي، قال : ما هو ؟ قال : قوله تعالى :(فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) وقال :(واقبل بعضهم على بعض يتساءلون ) وقال تعالى :(ولا يكتمون الله حديثا) وقال (والله ربنا ما كنا مشركين ) فقد كتموا في هذه الاية، وفي النازعات ذكر خلق السماء قبل خلق الارض، وفي فصلت ذكر خلق الارض قبل خلق السماء، وقال :(وكان الله غفورا رحيما) (وكان الله عزبزا حكيما) (وكان الله سميعا بصيرا) فكانه كان ثم مضى. فقال ابن عباس :[ فلا انساب بينهم ] في النفخة الاولى [ فصعق من في السموات ومن في الارض الا من شاء الله ] فلا انساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون، ثم في النفخة الاخرة اقبل بعضهم على بعض يتساءلون، واما قوله [ ما كنا مشركين ] [ ولا يكتمون الله حديثا ] فان الله يغفر لاهل الاخلاص ذنوبهم، فيقول المشركون تعالوا نقول : لم نكن مشركين، فيختم الله على افواههم، فتنطق جوارحهم باعمالهم، فعند ذلك عرف ان الله لا يكتم حديثا، وعنده [ يود الذبن كفروا لو كانوا مسلمين ]، وخلق الله الارض في يومين، ثم استوى الى السماء فسواهن سبع سموات في يومين، ثم دحا الارض اي بسطها فاخرج منها الماء والمرعى، وخلق فيها الجبال والاشجار والاكام وما بينها في يومين اخرين فذلك قوله [ والارض بعد ذلك دحاها ] فخلقت الارض وما فيها في اربعة ايام وخلقت السماء في يومين، وقوله [ وكان الله غفورا رحيما ] أى لم يزل ولا يزال كذلك، ويحك فلا يختلف عليك القران، فان كلا من عند الله.
قال الله تعالى :[ ان الذبن كفروا لن تغني عنهم اموالهم ولا اولادهم.. الى.. والمستغفرين بالاسحار ]. من اية ( ١٠ ) الى نهاية اية (١٧ )
المناسبه :
لما حكى تعالى عن المؤمنين دعاءهم وتضرعهم ان يثبتهم الله على الايمان، حكى عن الكافرين سبب كفرهم وهو اغترارهم في هذه الحياة بكثرة المال والبنين، وبين انها لن تدفع عنهم عذاب الله، كما لن تغنى عنهم شيئا في الدنيا، وضرب على ذلك الامثال بغزوة بدر، حيث التقى فيها جند الرحمن بجند الشيطان، وكانت النتيجة اندحار الكافرين مع كثرتهم وانتصار المؤمنين مع قلتهم.
اللغة :
[ تغني ] الاغناء : الدفع والنفع
[ وقود النار ] الوقود بفتح الواو الحطب الذي توقد به النار، وبالضم مصدر بمعنى الاتقاد
[ دأب ] الدأب : العادة والشأن واصله من دأب الرجل في عمله اذا جد فيه واجتهد
[ اية ] علامة
[ فئة ] جماعة وسميت الجماعة من الناس (فئة) لانه يفاء اليها في وقت الشدة
[ عبرة ] العبرة : الاتعاظ واشتقاقها من العبور فالاعتبار انتقال من حالة الجهل، الى حالة العلم
[ زين ] التزيين : تحسين الشيء وتجميله في عين الانسان
[ الشهوات ] الشهوة : ما تدعو النفس اليه وتشتهيه ويجمع على شهوات [ القناطير ] جمع قنطار وهو العقدة الكبيرة من المال، او المال الكثير الذي لا يحصى
[ المقنطرة ] المضعفة وهو للتاكيد كقولك ألوف مؤلفة واضعاف مضاعفة قاله الطبري، وروي عن الفراء أنه قال : القناطير جمع القنطار، والمقنطرة جمع الجمع، فيكون تسع قناطير
[ المسومة ] المعلمه بعلامه تجعلها حسنة المنظر، وقيل : المسومة : الراعية، وقال مجاهد وعكرمة : انها الخيل المطهمة الحسان)
[ الماب ] المرجع يقال : اب الرجل ايابا ومابا قال تعالى [ ان الينا ايابهم ]
[ الاسحار ] السحر : الوقت الذي قبل طلوع الفجر، وجمعه اسحار.
سبب النزول :


الصفحة التالية
Icon