٥ - [ فبشرهم بعذاب اليم ] الاصل في البشارة ان تكون في الخير واستعمالها في الشر للتهكم ويسمى (الاسلوب التهكمى) حيث نزل الانذار منزلة البشارة السارة.
فائدة :
قال القرطبي : في هذه الاية دليل على فضل العلم، وشرف العلماء، فانه لو كان احد اشرف من العلماء، لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن اسم العلماء، ويكفي في شرف العلم قوله لنبيه (ص) :[ وقل ربى زدني علما ] وقوله (ص) " أن العلماء ورثة الانبياء " وفي حديث ابن مسعود ان من قرأ قوله تعالى [ شهد الله انه لا اله الا هو ] الاية فانه يجاء به يوم القيامة فيقول الله تعالى : عبدي عهد الى عهدا وانا احق من وفى، ادخلوا عبدي الجنة.
لطيفة :
من اطرف ما قرأت في بيان فضل العلم تلك (المحاورة اللطيفة) بين العقل والعلم حيث يقول القائل، وقد ابدع واجاد :
علم العليم وعقل العاقل اختلفا من ذا الذي منهما قد احرز الشرفا ؟
فالعلم قال : انا احرزت غايته والعقل قال : انا الرحمن بي عرفا
فافصح العلم افصاحا وقال له بأينا الله في فرقانه اتصفا ؟
فبان للعقل ان العلم سيده فقبل العقل رأس العلم وانصرفا
قال الله تعالى :[ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء.. الى.. فان الله لا يحب الكافرين ] من اية (٢٦) الى نهاية اية ( ٣٢)
المناسبة :
لما ذكر تعالى في الايات السابقة دلائل التوحيد والنبوة وصحة دين الاسلام، اعقبه بذكر البشائر التي تدل على قرب نصر الله للمسلمين، فالامر كله بيد الله يعز من يشاء ويذل من يشاء، وامر رسوله بالدعاء والابتهال الى الله، بأن يعز جند الحق وينصر دينه المبين.
اللغة :
[ اللهم ] أصله يا الله حذفت اداة النداء واستعيض عنها بالميم المشددة، هكذا قال الخليل وسيبويه
[ تنزع ] تسلب ويعبر به عن الزوال يقال : نزع الله عنه الشر أى أزاله
[ تولج ] الايلاج : الادخال، يقال : ولج يلج ولوجا ومنه [ حتى يلج الجمل في سم الخياط ]
[ امدا ] الامد : غاية الشيء ومنتهاه وجمعه اماد
[ تقاة ] تقية وهي مداراة الانسان مخافة شره.
سبب النزول :
ا - لما افتتح رسول الله (ص) مكة، ووعد امته ملك فارس والروم، قال المنافقون واليهود : هيهات هيهات من اين لمحمد ملك فارس والروم ! ! هم اعز وأمنع من ذلك، الم يكفه مكة حتى طمع في ملك فارس والروم فانزل الله [ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء.. ] الاية.
ب - عن ابن عباس أن " عبادة بن الصامت " - وكان بدريا تقيا - كان له حلف مع اليهود، فلما خرج النبي (ص) يوم الاحزاب قال له عبادة : يا نبى الله ان معي خمسمائة من اليهود، وقد رأيت ان يخرجوا معي فأستظهر بهم على العدو، فانزل الله [ لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء ] الاية.
التفسير :
[ قل اللهم مالك الملك ] أى قل : يا الله يا مالك كل شيء
[ تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ] أى انت المتصرف في الاكوان، تهب الملك لمن تشاء، وتخلع الملك ممن تشاء
[ وتعز من تشاء وتذل من تشاء ] أى تعطي العزة لمن تشاء والذلة لمن تشاء
[ بيدك الخير انك على كل شيء قدير ] أى بيدك وحدك خزائن كل خير، وانت على كل شيء قدير
[ تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل ] أى تدخل الليل في النهار كما تدخل النهار في الليل، فتزيد في هذا وتنقص فى ذاك والعكس، وهكذا تتبدل فصول السنة شتاء وصيفا