[ فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب ] أى ناداه جبريل حال كون زكريا قائما في الصلاة
[ ان الله يبشرك بيحيى ] أى يبشرك بغلام اسمه يحيى
[ مصدقا بكلمة من الله ] أى مصدقا (بعيسى) مؤمنا برسالته، وسمي عيسى " كلمة الله " لانه خلق بكلمة " كن " من غير أب
[ وسيدا ] أى يسود قومه ويفوقهم
[ وحصورا ] أى يحبس نفسه عن الشهوات، عفة وزهدا، ولا يقرب النساء مع قدرته على ذلك، وما قاله بعض المفسرين أنه كان عنينا فباطل، لا يجوز على الانبياء لانه نقص وذم، والاية وردت مورد المدح والثناء ((قال ابن كثير نقلا عن القاضي عياض " اعلم ان ثناء الله تعالى على (يحيى) أنه كان حصورا ليس كما قاله بعضهم إنه كان عنينا أو لا ذكر له، بل قد أنكر هذا حذاق المفسرين وقالوا : هذه نقيصة وعيب، ولا يليق بالأنبياء عليهم السلام، وانما معناه أنه معصوم من الذنوب أي لا يأتيها كأنه حصور او يمنع نفسه من الشهوات، وقد بان لك من هذا أن عدم القدرة على النكاح نقص، وانما الفضل في كونها موجودة ثم يمنعها، إما بمجاهدة كعيسى أو بكفاية من الله كيحيى عليه السلام " انتهى )).
[ ونبيا من الصالحين ] أى ويكون نبيا من الانبياء الصالحين، قال ابن كثير : وهذه بشارة ثانية بنبوته بعد البشارة بولادته وهي اعلى من الاولى، كقوله لأم موسى (انا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين)
[ قال رب انى يكون لي غلام ] أى كيف يأتينا الولد
[ وقد بلغني الكبر ] أى أدركتني الشيخوخة وكان عمره حينذاك مائة وعشرين سنة
[ وامرأتي عاقر ] أى عقيم لا تلد وكانت زوجته بنت تسع وتسعين سنة، فقد اجتمع فيهما (الشيخوخة) و(العقم ) في الزوجة وكل من السببين مانع من الولد
[ قال كذلك الله يفعل ما يشاء ] أى لا يعجزه شيء ولا يتعاظمه أمر
[ قال رب اجعل لي اية ] أى علامة على حمل امرأتي
[ قال ايتك الا تكلم الناس ثلاثة ايام الا رمزا ] أى علامتك عليه ان لا تقدر على كلام الناس، الا بالاشارة ثلاثة ايام بلياليها، مع انك سوي صحيح، والغرض انه ياتيه مانع سماوي يمنعه من الكلام بغير ذكر الله
[ واذكر ربك كثيرا ] أى اذكر الله ذكرا كثيرا بلسانك شكرا على النعمة، فقد منع عن الكلام ولم يمنع عن الذكر لله، والتسبيح له وذلك ابلغ في الاعجاز
[ وسبح بالعشي والابكار ] اي نزه الله عن صفات النقص بقولك سبحان الله في اخر النهار وأوله. وقيل : المراد صل لله، قال الطبري : يعني عظم ربك بعبادته بالعشي والابكار.
البلاغه :
١ - [ والله اعلم بما وضعت ] [ وليس الذكر كالأنثى ] جملتان معترضتان لتعظيم الموضوع ورفع منزلة المولود.
٢ - [ واني اعيذها ] صيغة المضارع للدلالة على الاستمرار والتجدد.
٣ - [ وانبتها نباتا حسنا ] شبهها في نموها وترعرعها بالزرع، الذي ينمو شيئا فشيئا، والكلام استعارة عن تربيتها بما يصلحها في جميع احوالها بطريق الاستعارة التبعية، وهو من بديع علم البيان.
٤ - [ فنادته الملائكة ] المنادي جبريل وعبر عنه باسم الجماعة، تعظيما له لأنه رئيسهم
٥ - [ بالعشي والابكار ] بين كلمتي " العشي " والابكار " طباق وهو من المحسنات البديعية.
الفوائد :
الاولى : روي أن " حنة " امراة عمران كانت عجوزا عاقرا لا تلد، فبينما هى ذات يوم تحت ظل شجرة، اذ رأت طائرا يطعم فرخه، فحنت الى الولد وتمنته وقالت : اللهم ان لك على نذرا ان رزقتني ولدا ان أتصدق به على بيت المقدس فيكون من سدنته، ثم هلك عمران وهي حامل، وهذا سر النذر.