[ ومن المقربين ] عند الله
[ ويكلم الناس فى المهد وكهلا ] أى يكلمهم طفلا قبل وقت الكلام، ويكلمهم كهلا، قال الزمخشرى : ومعناه " ويكلم الناس فى هاتين الحالتين كلام الأنبياء، من غير تفاوت بين حال الطفولة وحال الكهولة " ولا شك أن ذلك غاية فى الإعجاز
[ ومن الصالحين ] أى وهو من الكاملين فى التقى والصلاح
[ قالت رب أنى يكون لى ولد ولم يمسسنى بشر ] أى كيف يأتينى الولد وأنا لست بذات زوج ؟
[ قال كذلك الله يخلق ما يشاء ] أى هكذا أمر الله عظيم، لا يعجزه شئ، يخلق بسبب من الوالدين وبغير سبب
[ اذا قضى أمرا فأنما يقول له كن فيكون ] أى اذا أراد شيئا حصل من غير تأخر ولا حاجة الى سبب، يقول له " كن " فيكون
[ ويعلمه الكتاب ] أى الكتابة
[ والحكمة ] أى السداد فى القول والعمل، أو سنن الأنبياء المكرمين
[ والتوراة والإنجيل ] أى ويجعله يحفظ التوراة والإنجيل، قال إبن كثير : وقد كان عيسى يحفظ هذا وهذا
[ ورسولا إلى بنى إسرائيل ] أى ويرسله رسولا إلى بنى إسرائيل قائلا لهم
[ أنى قد جئتكم بآية من ربكم ] أى بأنى قد جئتكم بعلامة تدل على صدقى، وهى ما أيدنى الله به من المعجزات، وآية صدقى
[ أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير ] أى أصور لكم من الطين مثل صورة الطير
[ فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ] أى أنفخ فى تلك الصورة فتصبح طيرا بإذن الله. قال أبن كثير : وكذلك كان يفعل، يصور من الطين شكل طير، ثم ينفخ فيه فيطير عيانا، بأذن الله عز وجل، الذى جعل هذا معجزة له تدل على أنه أرسله، وهذه المعجزة الأولى
[ وأبرئ الأكمه والأبرص ] أى أشفى الذى ولد أعمى، كما أشفى المصاب بالبرص، وهذه المعجزة الثانية
[ وأحيي الموتى بإذن الله ] أى أحي بعض الموتى لا بقدرتى، ولكن بمشئة الله وقدرته، وقد أحيا أربعة أنفس : عازر وكان صديقا له، وإبن العجوز، وبنت العاشر، و[ سام بن نوح ] هكذا ذكر القرطبى وغيره..... وكرر لفظ [ بإذن الله ] دفعا لتوهم الألوهية، وهذه المعجزة الثالثة
[ وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم ] أى وأخبركم بالمغيبات من أحوالكم التى لا تشكون فيها فكان يخبر الشخص بما أكل، وما أدخر فى بيته، وهذه هى المعجزة الرابعة
[ إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ] أى فيما أتيتكم به من المعجزات علامة واضحة تدل على صدقى، إن كنتم مصدقين بآيات الله.... ثم أخبرهم أنه جاء مؤيدا لرسالة موسى فقال
[ ومصدقا لما بين يدى من التوراة ] أى وجئتكم مصدقا لرسالة موسى، مؤيدا لما جاء به فى التوراة
[ ولأحل لكم بعض الذى حرم عليكم ] أى ولأحل لكم بعض ما كان محرما عليكم فى شريعة موسى، قال إبن كثير : وفيه دليل على أن عيسى نسخ بعض شريعة التوراة وهو الصحيح
[ وجئتكم بأية من ربكم ] أى جئتكم بعلامة شاهدة على صحة رسالتى، وهى ما أيدنى الله به من المعجزات، وكرره تأكيدا
[ فأتقوا الله وأطيعون ] أى خافوا الله وأطيعوا أمرى
[ إن الله ربى وربكم فأعبدوه ] أى أنا وأنتم سواء فى العبودية له جل وعلا
[ هذا صراط مستقيم ] أى فإن تقوى الله وعبادته، والإقرار بوحدانيته هو الطريق المستقيم الذى لا إعوجاج فيه.
البلاغة :
١- [ وإذ قالت الملائكة ] أطلق الملائكة وأريد به جبريل فهو من باب تسمية الخاص بإسم العام تعظيما له ويسمى [ المجاز المرسل ].
٢- [ إصطفاك وطهرك وإصطفاك ] تكرر لفظ [ اصطفاك ] كما تكرر لفظ [ مريم ] وهذا من باب الإطناب.
٣- [ ولم يمسسنى بشر ] كنى عن الجماع بالمس، كما كنى عنه بالحرث واللباس والمباشرة، وكل ذلك لتعليمنا الأدب فى التعبير.
٤- [ ولآحل لكم بعض الذى حرم ] بين لفظ [ أحل ] و[ حرم ] من المحسنات البديعية الطباق، كما ورد الحذف فى عدة مواضع، والإطناب فى عدة مواضع.
فائدة :