[ ربنا آمنا بما أنزلت وإتبعنا الرسول فأكتبنا مع الشاهدين ] أى آمنا بآياتك وإتبعنا رسولك عيسى، فأكتبنا مع من شهد لك بالوحدانية ولرسولك بالصدق.. ثم أخبر تعالى عن اليهود المتآمرين الذين أرادوا قتل عيسى فقال
[ ومكروا ومكر الله ] أى أرادوا قتله فنجاه الله من شرهم، ورفعه إلى السماء دون أن يمس بأذى وألقى شبهه على ذلك الخائن [ يهوذا ] وسمى مكرا من باب المشاكلة (( الاتفاق فى اللفظ مع الاختلاف فى المعنى )) ولهذا قال
[ والله خير الماكرين ] أى أقواهم مكرا بحيث جعل تدميرهم فى تدبيرهم، وفى الحديث (اللهم أمكر لى ولا تمكر على)
[ إذ قال الله يا عيسى إنى متوفيك ورافعك إلى ] أى إنى رافعك إلى السماء، ثم مميتك بعد استيفائك كامل أجلك والمقصود بشارته بنجاته من اليهود، ورفعه إلى السماء سالما دون أذى، قال قتاده : هذا من المقدم والمؤخر تقديره : إنى رافعك إلى، ثم متوفيك بعد ذلك، بعد إنزالى إياك إلى الدنيا (( وأما قول بعض المفسرين أنه توفي ثلاث ساعات من نهار ثم رفع وقول بعضهم المراد بالوفاة وفاة النوم فضعيف، فقد رده المحققون قال القرطبي :" والصحيح أن الله تعالى رفعه إلى السماء من غير وفاة ولا نوم كما قال الحسن وابن زيد وهو اختيار الطبري وهو الصحيح عن ابن عباس " )).
[ ومطهرك من الذين كفروا ] أى مخلصك من شر الأشرار الذين أرادوا قتلك، قال الحسن : طهره من اليهود والنصارى والمجوس ومن كفار قومه
[ وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا الى يوم القيامة ] أى جاعل اتباعك الذين امنوا بك فوق الذين جحدوا نبوتك، ظاهرين على من ناوأهم الى يوم القيامة، وفي تفسير الجلالين :(الذين اتبعوك) أى صدقوا بنبوتك من المسلمين والنصارى [ فوق الذين كفروا ] وهم اليهود يعلونهم بالحجة والسيف
[ ثم الى مرجعكم فاحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون ] أى ثم مصيركم الى الله فاقضي بين جميعكم بالحق، فيما كنتم تختلفون فيه من امر عيسى
[ فاما الذين كفروا فاعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والاخرة ] أى اما الكافرون بنبوتك المخالفون لملتك، فاني معذبهم عذابا شديدا في الدنيا بالقتل والسبي، وبالاخرة بنار جهنم
[ وما لهم من ناصرين ] اي ليس لهم ناصر يمنع عنهم عذاب الله
[ واما الذين امنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم اجورهم ] أى واما المؤمنون فيعطيهم جزاء اعمالهم الصالحة، كاملة غير منقوصة
[ والله لا يحب الظالمين ] أى لا يحب من كان ظالما فكيف يظلم عباده ؟
[ ذلك نتلوه عليك ] أى هذه الانباء التي نقصها عليك يا محمد
[ من الايات والذكر الحكيم ] أى من ايات القران الكريم المحكم، الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
[ ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم ] أى ان شان عيسى اذ خلقه بلا اب - وهو في بابه غريب -كشان ادم
[ خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ] أى خلق ادم من غير اب ولا ام، ثم قال له (كن ) فكان، فليس امر عيسى باعجب من امر ادم ! !
[ الحق من ربك فلا تكن من الممترين ] أى هذا هو القول الحق في شان عيسى فلا تكن من الشاكين
[ فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم ] أى من جادلك في امر عيسى بعدما وضح لك الحق واستبان
[ فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ] أى هلموا نجتمع ويدعو كل منا ومنكم ابناءه ونساءه ونفسه الى (المباهلة)! ! وفي سنن الترمذي لما نزلت هذه الاية دعا رسول الله (ص) فاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء اهلى)
[ ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ] أى نتضرع الى الله فنقول : اللهم العن الكاذب منا في شأن عيسى،
فلما دعاهم الى المباهلة، امتنعوا وقبلوا بالجزية. قال ابن عباس :" لو خرج الذين يباهلون رسول الله (ص)


الصفحة التالية
Icon