عن الاشعث بن قيس قال : كان بينى وبين رجل من اليهود ارض، فجحدني فقدمته الى النبي (ص) فقال لي رسول الله (ص) : هل لك بينة ؟ قلت : لا، قال اليهودي : احلف، قلت : اذا يحلف فيذهب بمالي فانزل الله [ ان الذين يشترون بعهد الله.. ] الاية.
التفسير :
[ ومن اهل الكتاب من ان تامنه بقنطار يؤده اليك ] أى من اليهود من اذا ائتمنته على المال الكثير، اداه اليك لامانته " كعبد الله بن سلام " اودعه قرشي الف اوقية ذهبا فاداها اليه
[ ومنهم من ان تامنه بدينار لا يؤده اليك ] أى ومنهم من لا يؤتمن على دينار لخيانته " كفنحاص بن عازوراء " ائتمنه
قرشي على دينار فجحده
[ الا ما دمت عليه قائما ] أى الا اذا كنت ملازما له ومشهدا عليه
[ ذلك بانهم قالوا ليس علينا في الاميين سبيل ] أى انما حملهم على الخيانة زعمهم ان الله اباح لهم اموال الاميين -
يعني العرب - روي ان اليهود قالوا [ نحن ابناء الله واحباؤه ] والخلق لنا عبيد، فلا سبيل لاحد علينا اذا اكلنا اموال عبيدنا، وقيل : انهم قالوا ان الله اباح لنا مال من خالف ديننا
[ ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ] أى يكذبون على الله بادعائهم ذلك، وهم يعلمون انهم كاذبون مفترون، روي انهم لما قالوا [ ليس علينا في الاميين سبيل ] قال نبي الله (ص) :(كذب اعداء الله ما من شيء كان في الجاهلية الا هو تحت قدمي هاتين، الا الامانة فانها مؤداة الى البر والفاجر)، ثم قال تعالى :
[ بلى من اوفى بعهده واتقى فأن الله يحب المتقين ] أى ليس كما زعموا بل عليهم فيه اثم، لكن من ادى الامانة منهم وامن بمحمد (ص) واتقى الله واجتنب محارمه، فان الله يحبه ويكرمه
[ ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا ] أى يستبدلون بالعهد الذي عاهدوا عليه من التصديق بمحمد وبأيمانهم الكاذبة، حطام الدنيا وعرضها الخسيس الزائل
[ اولئك لا خلاق لهم في الاخرة ] أى ليس لهم حظ ولا نصيب من رحمة الله تعالى :
[ ولايكلمهم الله ولا ينظر اليهم يوم القيامة ] أى لا يكلمهم كلام انس ولطف، ولا ينظر اليهم بعين الرحمة يوم القيامة
[ ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم ] أى لا يطهرهم من اوضار الاوزار، ولهم عذاب موجع على ما ارتكبوه من المعاصى
[ وان منهم لفريقا يلوون السنتهم بالكتاب ] اي وان من اليهود طائفة يفتلون السنتهم في حال قراءة الكتاب، لتحريف معانيه وتبديل كلام الله عن المراد منه، قال ابن عباس : يحرفونه بتأويله على غير مراد الله
[ لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ] اي لتظنوا ان هذا المحرف من كلام الله وما هو الا تضليل وبهتان
[ ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ] أى ينسبونه الى الله وهو كذب على الله
[ ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ] انهم كذبوا وافتروا على الله.. ثم قال تعالى ردا على النصارى لما زعموا ان عيسى امرهم ان يعبدوه
[ ما كان لبشر ان يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ] أى لا يصح ولا ينبغي لاحد من البشر اعطاه الله الكتاب والحكمة والنبوة
[ ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ] أى ثم يقول للناس اعبدوني من دون الله، والغرض : انه لا يصح اصلا ولا يتصور عقلا صدور دعوى الالوهية من نبي قط اعطاه الله النبوة والشريعة ليرشد الناس الى عبادة الله، فكيف يدعوهم الى عبادة نفسه ؟
[ ولكن كونوا ربانيين ] أى ولكن يقول لهم : كونوا ربانيين، قال ابن عباس : حكماء علماء حلماء والمعنى : لا ادعوكم الى ان تكونوا عبادا لي ولكن ادعوكم ان تكونوا علماء فقهاء مطيعين لله
[ بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ] أى بتعليمكم الناس الكتاب ودراستكم اياه