[ ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ] أى من ترك الحج فإن الله مستغن عن عبادته وعن الخلق أجمعين، وعبر عنه بالكفر تغليظا عليه، قال ابن عباس : من جحد فريضة الحج فقد كفر والله غني عنة، ثم أخذ يبكت أهل الكتاب على كفرهم فقال
[ قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله ] أى لم تجحدون بالقرآن المنزل على محمد (ص)، مع قيام الدلائل والبراهين على صدقه ؟
[ والله شهيد على ما تعملون ] أى مطلع على جميع أعمالكم فيجازيكم عليها
[ قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن ] أى لم تصرفون الناس عن دين الله الحق، وتمنعون من أراد الإيمان به ؟
[ تبغونها عوجا ] أى تطلبون أن تكون الطريق المستقيمة معوجة، وذلك بتغيير صفة الرسول، والتلبيس على الناس بإيهامهم أن في الإسلام خللا وعوجا
[ وأنتم شهداء ] أى عالمون بأن الإسلام هو الحق والدين المستقيم
[ وما الله بغافل عما تعملون ] تهديد ووعيد.. وقد جمع اليهود والنصارى الوصفين : الضلال والإضلال، فقد كفروا بالإسلام، ثم صدوا الناس عن الدخول فيه، بإلقاء الشبه والشكوك في قلوب الضعفة من الناس
[ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب ] أي إن تطيعوا طائفة من أهل الكتاب
[ يردوكم بعد ايمانكم كافرين ] أى يصيرونكم كافرين بعد أن هداكم الله للإيمان، والخطاب للاوس والخزرج إذ كان اليهود يريدون فتنتهم كما مر في سبب النزول، واللفظ في الآية عام
[ وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ] إنكار واستبعاد أى كيف يتطرق إليكم الكفر والحال أن أيات الله لا تزال تتنزل عليكم، والوحي لم ينقطع، ورسول الله حى بين أظهركم ؟
[ ومن يعتصم بالله فقد هدي الى صراط مستقيم ] أى من يتمسك بالإسلام الحق الذي بينه الله بآياته، على لسان رسوله، فقد اهتدى إلى أقوم طريق، وهي الطريق الموصلة ألى جنات النعيم
[ با أيها الذين آمنوا أتقوا الله حق تقاته ] أى اتقوا الله تقوى حقة أو حق تقواه، قال ابن مسعود :" هو أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر " والمراد بالآية [ حق تقاته ] أى كما يحق أن يتقى وذلك باجتناب جميع معاصيه
[ ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ] أى تمسكوا بالإسلام وعضوا عليه بالنواجذ، حتى يدرككم الموت وأنتم على تلك الحالة فتموتون على الإسلام، والمقصود الأمر بالإقامة والمحافظة على الإسلام
[ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ] أى تمسكوا بدين الله وكتابه جميعا ولا تتفرقوا عنه، ولا تختلفوا في الدين كما اختلف من قبلكم من اليهود والنصارى
[ واذكروا نعمة الله عليكم ] أى أذكروا إنعامه عليكم يا معشر العرب
[ اذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم ] أى حين كنتم قبل الإسلام أعداء ألداء، فألف بين قلوبكم بالإسلام وجمعكم على الإيمان
[ وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ] أى وكنتم مشرفين على الوقوع في نار جهنم، فأنقذكم الله منها بالإسلام
[ كذلك يبين الله لكم آياته ] أى مثل ذلك البيان الواضح يبين الله لكم سائر الآيات
[ لعلكم تهتدون ] أى لكي تهتدوا بها إلى سعادة الدارين.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البلاغة نوجزها فيما يلي :
١ - [ قل فأتوا بالتوراة ] الأمر للتبكيت والتوبيخ للدلالة على كمال القبح.
٢ - [ للذي ببكة ] أى لبيت الله الحرام الذي بمكة الذي ببكة، وفي ترك الموصوف من التفخيم ما لايخفى.


الصفحة التالية
Icon