[ تلك ايات الله نتلوها عليك بالحق ] اى هذه ايات الله نتلوها عليك يا محمد حال كونها متلبسة بالحق
[ وما الله يريد ظلما للعالمين ] اى وما كان الله ليظلم احدا ولكن الناس انفسهم يظلمون
[ ولله ما في السموات وما في الأرض ] اى الجميع ملك له وعبيد
[ وإلى الله ترجع الأمور ] اى هو الحاكم المتصرف في الدنيا والأخرة
[ كنتم خير امة اخرجت للناس ] اى انتم يا امة محمد خير الأمم، لانكم انفع الناس للناس، ولهذا قال [ اخرجت للناس ] اى اخرجت لأجلهم ومصلحتهم، روى البخاري عن أبى هريرة [ كنتم خير امة اخرجت للناس ] قال :(خير الناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام )
[ تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ] وهذا بيان لوجه الخيرية كأنه قيل السبب في كونكم خير أمة، هذه الخصال الحميدة، روي عن عمر رضي الله عنه انه قال (من سره ان يكون من هذه الأمة فليؤد شرط الله فيها). ثم قال تعالى
[ ولو آمن اهل الكتاب لكان خيرا لهم ] اي لو امنوا بما انزل على محمد وصدقوا بما جاء به، لكان ذلك خيرا لهم في الدنيا والأخرة
[ منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ] أى منهم فئة قليلة مؤمنة كالنجاشي و(عبد الله بن سلام )، والكثرة الكثيرة فاسقة خارجة عن طاعة الله،
[ لن يضروكم إلا أذى ] أى لن يضروكم إلا ضررا يسيرا بألسنتهم، من سب وطعن
[ وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ] اى ينهزمون من غير ان ينالوا منكم شيئا
[ ثم لا ينصرون ] اى ثم شأنهم الذي ابشركم به، انهم مخذولون لا ينصرون، والجملة استئنافية
[ ضربت عليهم الذلة اينما ثقفوا ] اي لزمهم الذل والهوان اينما وجدوا، وأحاط بهم كما يحيط البيت المضروب بساكنه
[ إلا بحبل من الله وحبل من الناس ] اى إلا اذا اعتصموا بذمة الله وذمة احد من المسلمين، قال ابن عباس : بعهد من الله وعهد من الناس
[ وباءوا بغضب من الله ] اى رجعوا مستوجبين للغضب الشديد من الله
[ وضربت عليهم المسكنة ] اى لزمتهم الفاقة والخشوع، فهي محيطة بهم من جميع جوانبهم
[ ذلك بانهم كانوا يكفرون بايات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ] اى ذلك الذل والصغار، والغضب والدمار، بسبب جحودهم بايات الله، وقتلهم الأنبياء ظلما وطغيانا
[ ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ] اى بسبب تمردهم وعصيانهم اوامر الله تعالى.
البلاغة :
تضمنت الأيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - [ ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ] فيه من المحسنات البديعية ما يسمى بالمقابلة.
٢ - [ واولئك هم المفلحون ] فيه قصر صفة على موصوف حيث قصر الفلاح عليهم، كانه يقول : هم المفلحون لا غيرهم.
٣ - [ تبيض وجوه وتسود وجوه ] بين كلمتي [ تبيض ] و[ تسود ] طباق.
٤ - [ ففي رحمة الله ] مجاز مرسل اطلق الحال واريد المحل أى ففي الجنة لأنها مكان تنزل الرحمة.
٥ - [ ضربت عليهم الذلة ] فيه استعارة حيث شبه الذل بالخباء المضروب على اصحابه، فالذذ. محيط بهم من كل جانب، فهي استعارة لطيفة بديعة.
٦ - [ وباءو بغضب ] التنكير للتفخيم والتهويل.
فائدة :
قوله تعالى [ ثم لا ينصرون ] جملة مستأنفة ولهذا ثبتت فيها النون، قال الزمخشري :" وعدل به عن حكم الجزاء الى حكم الإخبار ابتداء كأنه قيل : ثم اخبركم انهم مخذولون منتف عنهم النصر، ولو جزم لكان نفى النصر مقيدا لقتالهم، بينما النصر وعد مطلق
تنبيه :


الصفحة التالية
Icon