[ إذ همت طائفتان منكم ان تفشلا ] أى حين كادت طائفتان من جيش المسلمين أن تجبنا وتضعفا، وهمتا بالرجوع وهما " بنو سلمة " و " بنو حاربة " وذلك حين خرج رسول الله (ص) لأحد بألف من أصحابه، فلما قاربوا عسكر الكفرة وكانوا ثلاثة آلاف انخذل " عبد الله بن أبى " بثلث الجيش وقال : علام نقتل أنفسنا وأولادنا ؟ فهم الحيان من الأنصار بالرجوع، فعصمهم الله فمضوا مع رسول الله (ص) وذلك قوله تعالى
[ والله وليهما ] أى ناصرهما ومتولي أمرهما
[ وعلى الله فليتوكل المؤمنون ] أى في جميع أحوالهم وأمورهم.. ثم ذكرهم تعالى بالنصر يوم بدر لتقوى قلوبهم، ويتسلوا عما أصابهم من الهزيمة يوم أحد فقال
[ ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ] أى نصركم يوم بدر مع قلة العدد والسلاح، لتعلموا أن النصر من عند الله لا بكثرة العدد والعدد
[ فأتقوا الله لعلكم تشكرون ] أى خافوا ربكم واشكروه على ما من به عليكم من النصر
[ إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين ] أى إذ تقول يا محمد لأصحابك : أما يكفيكم أن يعينكم الله بإمداده لكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين لنصرتكم
[ بلى إن تصبروا وتتقوا ] أى بلى يمدكم بالملائكة إن صبرتم في المعركة، واتقيتم الله وأطعتم أمره
[ ويأتوكم من فورهم هذا ] أى يأتيكم المشركون من ساعتهم هذه
[ يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ] أى يزدكم الله مددا من الملائكة، معلمين على السلاح ومدربين على القتال ((وقيل معنى مسومين : أي معلمين بعلامة، قال عروة بن الزبير : كانت الملائكة على خيل بلق عليهم عمائم بيض قد أرسلوها بين أكتافهم )).
[ وما جعله الله إلا بشرى لكم ] أى وما جعل الله ذلك الإمداد بالملائكة، إلا بشارة لكم أيها المؤمنون لتزدادوا ثباتا
[ ولتطمئن قلوبكم به ] أى ولتسكن قلوبكم فلا تخافوا من كثرة عدوكم وقلة عددكم
[ وما النصر إلا من عند الله ] أى فلا تتوهموا أن النصر بكثرة العدد والعدد، ما النصر في الحقيقة إلا بعون الله وحده، لا من الملائكة ولا من غيرهم
[ العزيز الحكيم ] أى الغالب الذي لا يغلب في أمره (الحكيم ) الذي يفعل ما تقتضيه حكمته الباهرة
[ ليقطع طرفا من الذين كفروا ] أى ذلك التدبير الإلهي، ليهلك طائفة منهم بالقتل والإسر، ويهدم ركنا من أركان الشرك
[ أو يكبتهم ] أى يغيظهم ويخزيهم بالهزيمة
[ فينقلبوا خائبين ] أى يرجعوا غير ظافرين بمبتغاهم، وقد فعل تعالى ذلك بهم في بدر، حيث قتل المسلمون من صناديدهم سبعين وأسروا سبعين، وأعز الله المؤمنين وأذل الشرك والمشركين
[ ليس لك من الأمر شيء ] هذه الآية وردت اعتراضا وهي في قصة أحد، وذلك لما كسرت رباعيته (ص) وشج وجهه الشريف قال : كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم ؟ ! فنزلت [ ليس لك من الأمر شيء ] أي ليس لك يا محمد من أمر تدبير العباد شيء، وإنما أمرهم إلى الله
[ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ] أى فالله مالك أمرهم، فإما أن يهلكهم، أو يهزمهم، أو يتوب عليهم إن أسلموا، أو يعذبهم إن أصروا على الكفر، فإنهم ظالمون يستحقون العذاب
[ ولله ما في السموات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم ] أى له جل وعلا ملك السموات والأرض يعذب من يشاء، ويغفر لمن يشاء وهو الغفور الرحيم
[ يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة ] أى لا تتعاملوا بالربا بطريق الجشع، حتى تأخذوه أضعافا كثيرة، قال ابن كثير : كانوا في الجاهلية إذا حل أجل الدين، يقول الدائن : إما أن تقضي وإما أن تربي ! فإن قضاه والإ زاده في المدة وزاده في القدر، وهكذا كل عام، فربما يضاعف القليل حتى يصير كثيرا مضاعفا،
[ واتقوا الله ] أى اتقوا عذابه بترك ما نهى عنه