[ قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم ] أى قل لهم يا محمد توبيخا وإظهارا لكذبهم : قد جاءتكم رسل قبلي بالمعجزات الواضحات، والحجج الباهرات، الدالة على صدق نبوتهم وبالذي ادعيتم
[ فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين ] أى فلم كذبتموهم وقتلتموهم إن كنتم صادقين في دعواكم الإيمان بالله، والتصديق برسله ؟ ثم قال تعالى مسليا لرسوله (ص)
[ فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك ] أى لا يحزنك يا محمد تكذيب هؤلاء لك، فإنهم إن فعلوا ذلك فقد كذبت أسلافهم من قبل رسل الله، فلا تحزن فلك بهم أسوة حسنة
[ جاءوا بالبينات ] أى كذبوهم مع أنهم جاءوهم بالبراهين القاطعة والمعجزات الواضحة
[ والزبر والكتاب المنير ] أى بالكتب السمأوية المملوءة بالحكم والمواعظ، والكتاب الواضح الجلي كالتوراة والإنجيل
[ كل نفس ذائقة الموت ] أى مصير الخلائق إلى الفناء، وكل نفس ميتة لا محالة كقوله تعالى [ كل من عليها فان ]
[ وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ] أى تعطون جزاء أعمالكم وافيا يوم القيامة
[ فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة ففد فاز ] أى فمن نحى عن النار وأبعد عنها، وأدخل الجنة فقد فاز بالسعادة السرمدية والنعيم المخلد
[ وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ] أى ليست الدنيا إلا دار الفناء، يستمتع بها الأحمق المغرور. قال ابن كثير : الآية فيها تصغير لشأن الدنيا وتحقير ل أمرها وأنها فانية زائلة
[ لتبلون في أموالكم وأنفسكم ] أى والله لتمتحنن وتختبرن في أموالكم بالفقر والمصائب، وفي أنفسكم بالشدائد والأمراض
[ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا ] أى ولينالنكم من اليهود والنصارى والمشركين - أعدائكم - الأذى الكثير، وهذا إخبار منه جل وعلا للمؤمنين، بأنه سينالهم بلايا وأكدار من المشركين والفجار، وأمر لهم بالصبر عند وقوع ذلك، لأن الجنة حفت بالمكاره، ولهذا قال سبحانه
[ وإن تصبروا وتتقوا ] أى وإن تصبروا على المكاره وتتقوا الله في الأقوال والأعمال
[ فإن ذلك من عزم الأمور ] أى الصبر والتقوى من الأمور التي ينبغى ان تعزموا وتحزموا عليها لأنها مما أمر الله بها
[ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ] أى اذكر يا أيها الرسول حين أخذ الله العهد المؤكد على اليهود في التوراة
[ لتبيننه للناس ولا تكتمونه ] أى لتظهرن ما في الكتاب من أحكام الله ولا يخفونها، قال ابن عباس : هي لليهود أخذ عليهم العهد والميثاق في أمر رسول الله (ص) فكتموه ونبذوه
[ فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا ] أى طرحوا ذلك العهد وراء ظهورهم، واستبدلوا به شيئا حقيرا من حطام الدنيا
[ فبئس ما يشترون ] أى بئس هذا الشراء، وبئست تلك الصفقة الخاسرة
[ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ] أى لا تظنن يا محمد الذين يفرحون بما أتوا من اخفاء أمرك عن الناس
[ ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ] أى ويحبون ان يحمدهم الناس على تمسكهم بالحق وهم على ضلال
[ فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ] أى فلا تظننهم بمنجاة من عذاب الله
[ ولهم عذاب أليم ] أى عذاب موجع مؤلم، قال ابن عباس : نزلت في أهل الكتاب سألهم النبي (ص) عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره، وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم إياه ما سألهم عنه
[ ولله ملك السموات والأرض ] أى له سبحانه جميع ما في السموات والأرض فكيف يكون من له ما في السموات والأرض فقيرا ؟ والآية رد على اليهود الذين قالوا أن الله فقير ونحن أغنياء
[ والله على كل شيء قدير ] أى هو تعالى قادر على عقابهم.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما ياتي :


الصفحة التالية
Icon