١ - [ إن الله فقير ونحن أغنياء ] أكد اليهود الجملة ب [ إن الله فقير ] على سبيل المبالغة، فحيث نسبوا إلى أنفسهم الغنى لم يؤكدوا بل أخرجوا الجملة مخرج ما لا يحتاج إلى تأكيد، كأن الغنى وصف لهم لا يمكن فيه نزاع فيحتاج إلى تأكيد، وهذا دليل على تمردهم في الكفر والطغيان.
٢ - [ سنكتب ما قالوا ] فيه مجاز يسمى (المجاز العقلى) أى ستكتب ملائكتنا لقوله تعالى :[ إن رسلنا يكتبون ما تمكرون ] فأسند الفعل إليه مجازا.
٣ - [ ذلك بما قدمت أيديكم ] فيه مجاز مرسل من اطلاق اسم الجزء وارادة الكل، وذكر الأيدي لأن أكثر الأعمال تزاول بهن.
٤ - [ تأكله النار ] اسناد الأكل إلى النار بطريق (الاستعارة) إذ حقيقة الأكل إنما تكون في الإنسان والحيوان، وكذلك يوجد استعارة في قوله [ ذائقة الموت ] لأن حقيقة الذوق ما يكون بحاسة اللسان، وهذا كله من لطيف الاستعارة.
٥ - [ متاع الغرور ] شبه الدنيا بالمتاع الذي يدنس به على المستام، ويغر حتى يشتريه، والشيطان هو المدلس الغرور، فهو من باب الكناية اللطيفة.
٦ - [ فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا ] كذلك توجد استعارة في النبذ والاشتراء، شبه عدم التمسك والعمل به بالشيء الملقى خلف ظهر الإنسان، وباشتراء ثمن قليل ما تعوضوه من الحطام على كتم آيات الله.
٧ - وفي الآيات الكريمة من المحسنات البديعية الطباق في [ فقير وأغنياء ] والمقابلة [ زحزح عن النار وأدخل الجنة ] وفي [ لتبيننه.. ولا تكتمونه ] والجناس المغاير في [ قول الذين قالوا ] وفي [ كذبوك فقد كذب ].
فائدة :
صيغة فعال في الآية [ وما ربك بظلام ] ليست للمبالغة وإنما هي للنسب، مثل عطار ونجار وتمار، كلها ليست للمبالغة وإنما هي للنسب، قال ابن مالك : ومع فاعل وفعال فعل في نسب أغنى من الياء قبل.
تنبيه :
إنما وصف تعالى عيش الدنيا ونعيمها بأنه متاع الغرور، لما تمنيه لذاتها وشهواتها من طول البقاء وأمل الدوام، فتخدعه ثم تصرعه، ولهذا قال بعض السلف : الدنيا متاع متروك، يوشك أن يضمحل ويزول، فخذوا من هذا المتاع، واعملوا فيه بطاعة الله ما استطعتم، والله المستعان.
قال الله تعالى :[ إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات.. إلى أخر السورة ]. من آية ( ١٩٠ ) إلى نهاية آية ( ٢٠٠)
المناسبة :
بدأ تعالى هذه السورة الكريمة بذكر أدلة التوحيد والإلوهية والنبوة، وختمها بذكر دلائل الوحدانية والقدرة، فكان ختام مسك، ولما كان المقصود جذب القلوب إلى معرفة الإله الحق، جاءت الآيات الكريمة تنير القلوب بأدلة التوحيد والإلهية، والتدبر فى ملكوت السموات والأرض، ليخلص الإنسان إلى الاعتراف بوحدانية الله وباهر قدرته جل وعلا
اللغة :
[ الألباب ] العقول
[ باطلا ] عبثا بدون حكمة
[ سبحانك ] تنزية لله عن السوء
[ أخزيته ] أذللته وأهنته
[ كفر عنا ] استر وامح
[ الأبرار ] جمع بر أو بار وهم المستمسكون بالشريعة
[ فاستجاب ] بمعنى أجاب
[ نزلا ] النزل : ما يهيأ للنزيل وهو الضيف من أنواع الإكرام
[ رابطوا ] المرابطة : ترصد العدو في الثغور.
سبب النزول :
عن ام سلمة قالت : قلت : يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشىء فأنزل الله [ فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ] الآية.
التفسير :
[ إن فى خلق السموات والأرض ] أى إن في خلق السموات والأرض على ما بهما من إحكام وإبداع
[ واختلاف الليل والنهار ] أى وتعاقب الليل والنهار على الدوام
[ لآيات لأولي الألباب ] أي علامات واضحة على الخالق وباهر حكمته، لذوي العقول الذين ينظرون إلى الكون، بطريق التفكر والاستدلال، لا كما ينظر البهائم.. ثم وصف تعالى أولي الألباب بالصفات الحميدة فقال سبحانه


الصفحة التالية
Icon