[ الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ] أى يذكرون الله بألسنتهم وقلوبهم في جميع الأحوال، في حال القيام والقعود والاضطجاع، فلا يغفلون عنه تعالى في عامة أوقاتهم، لاطمننان قلوبهم بذكره، واستغراق سرائرهم في مراقبته
[ ويتفكرون في خلق السموات الأرض ] أى يتدبرون في ملكوت السموات والأرض، في خلقهما بهذه الإجرام العظام، وما فيهما من عجائب المصنوعات وغرائب المبتدعات قائلين
[ ربنا ما خلقت هذا باطلا ] أى ما خلقت هذا الكون وما فيه عبثا من غير حكمة
[ سبحانك فقنا عذاب النار ] أى ننزهك يا الله عن العبث فأجرنا واحمنا من عذاب جهنم
[ ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته ] أى من أدخلته النار فقد أذللته وأهنته غاية الإهانة وفضحته على رءوس الأشهاد
[ وما للظالمين من أنصار ] أى ليس للكفار من يمنعهم من عذاب الله، والمراد بالظالمين الكفار كما قال ابن عباس وجمهور المفسرين، وقد صرح به في البقرة [ والكافرون هم الظالمون ]،
[ ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان ] أى داعيا يدعو إلى الإيمان وهو محمد (ص)
[ أن آمنوا بربكم فآمنا ] أى يقول هذا الداعي أيها الناس آمنوا بربكم، واشهدوا له بالوحدانية، فصدقنا بذلك واتبعناه
[ ربنا فأغفر لنا ذنوبنا ] أى استر لنا ذنوبنا ولا تفضحنا بها
[ وكفر عنا سيئاتنا ] أى امح بفضلك ورحمتك ما ارتكبناه من سيئات
[ وتوفنا مع الأبرار ] أى ألحقنا بالصالحين، قال ابن عباس : الذنوب هي الكبائر، والسيئات هي الصغائر ويؤيده [ إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ] فلا تكرار إذا
[ ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ] تكرير النداء للتضرع، ولإظهار كمال الخضوع، أى أعطنا ما وعدتنا على ألسنة رسلك وهي (الجنة) لمن أطاع الله ورسوله
[ ولا تخزنا يوم القيامة ] أى لا تفضحنا كما فضحت الكفار
[ إنك لا تخلف الميعاد ] أى لا تخلف وعدك وقد وعدت من آمن بالجنة
[ فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ] أى أجاب الله دعاءهم بقوله : أني لا أبطل عمل من عمل خيرا، ذكرا كان العامل، أو أنثى، قال الحسن : ما زالوا يقولون ربنا، حتى استجاب لهم
[ بعضكم من بعض ] أى الذكر من الأنثى، والأنثى من الذكر، فإذا كنتم مشتركين في الأصل، فكذلك أنتم مشتركون في الأجر
[ فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم ] أى هجروا أوطانهم فارين بدينهم، وألجأهم المشركون إلى الخروج من الديار
[ وأوذوا في سبيلي ] أى تحملوا الأذى من أجل دين الله
[ وقاتلوا وقتلوا ] أى وقابلوا أعدائى وقتلوا في سبيلي
[ لأكفرن عنهم سيئاتهم ] أى لأمحون ذنوبهم بمغفرتي ورحمتي
[ ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله ] أى ولأدخلنهم جنات النعيم جزاء من عند الله على أعمالهم الصالحة
[ والله عنده حسن الثواب ] أى عنده حسن الجزاء وهي الجنة، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ثم نبه تعالى إلى ما عليه الكفار في هذه الدار من النعمة والغبطة والسرور، وبين أنه نعيم زائل فقال
[ لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ] أى لا يخدعنك أيها السامع، تنقل الذين كفروا في البلاد، طلبا لكسب الأموال والجاه والرتب
[ متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ] أى إنما يتنعمون بذلك قليلا، ثم يزول هذا النعيم، ومصيرهم في الآخرة إلى النار، وبئس الفراش والقرار نار جهنم.
[ لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها النهار خالدين فيها ] أى لكن المتقون لله لهم النعيم المقيم في جنات النعيم، مخلدين فيها أبدا
[ نزلا من عند الله ] أى ضيافة وكرامة من عند الله


الصفحة التالية
Icon