[ رقيبا ] الرقيب : الحفيظ المطلع على الأعمال
[ حوبا ] : الحوب : الذنب والإثم
[ تعولوا ] تميلوا وتجوروا يقال : عال الميزان إذا مال، وعال الحاكم إذا جار
[ صدقاتهن ] جمع صدقة وهو المهر
[ نحلة ] هبة وعطية
[ السفهاء ] ضعفاء العقول والمراد به هنا المبذرون للأموال
[ آنستم ] أبصرتم، من آنس الشيء أبصره
[ بدارا ] أي مبادرة بمعنى مسارعة أي يسارع في تبذيرها قبل أن يكبر اليتيم فيتسلمها منه
[ سديدا ] من السداد بمعنى الاستقامة.
سبب النزول :
١- عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى [ وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ] فقالت : يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله، ويعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط فى صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا عن ذلك إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا لهن أعلى سنتهن في الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن، وإن الناس استفتوا رسول الله (ص) بعد هذه الآية فأنزل الله [ ويستفتونك في النساء ] الآية.
٢- عن مقاتل بن حيان أن رجلا من غطفان يقال له (مرثد بن زيد) ولي مال ابن أخيه وهو يتيم صغير فأكله فأنزل الله [ إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلما.. ] الآية.
التفسير :
افتتح الله جل ثناؤه سورة النساء بخطاب الناس جميعا ودعوتهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، منبها لهم على قدرته ووحدانيته فقال
[ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ] أي خافوا الله الذي أنشأكم من اصل واحد، وهو نفس أبيكم آدم
[ وخلق منها زوجها ] أي أوجد من تلك النفس الواحدة زوجها وهي حواء
[ وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ] أي نشر وفرق من آدم وحواء خلائق كثيرين ذكورا وإناثا
[ واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ] أي خافوا الله الذي يناشد بعضكم بعضا به حيث يقول : أسألك بالله، وأنشدك بالله، واتقوا الأرحام أن تقطعوها
[ إن الله كان عليكم رقيبا ] أي حفيظا مطلعا على جميع أحوالكم وأعمالكم، وقد أكد تعالى الأمر بتقوى الله فى موطنين : في أول الآية، وفي آخرها ليشير إلى عظم حق الله على عباده، كما قرن تعالى بين (التقوي) و(صلة الرحم) ليدل على أهمية هذه الرابطة الإنسانية، فالناس جميعا من اصل واحدن وهم إخوة في الإنسانية والنسب، ولو أدرك الناس هذا لعاشوا في سعادة وأمان، ولما كانت هناك حروب طاحنة مدمرة، تلتهب الأخضر واليابس، وتقضي على الكهل والوليد، ثم ذكر تعالى اليتامى فأوصى بهم خيرا وأمر بالمحافظة على أموالهم فقال
[ وآتوا اليتامي أموالهم ] أي أعطوا اليتامى الذين مات آباؤهم وهم صغار أموالهم إذا بلغوا
[ ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ] أي لا تستبدلوا الحرام وهو مال اليتامى بالحلال وهو مالكم
[ ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ] أي لا تخلطوا أموال اليتامى بأموالكم فتأكلوها جميعا
[ إنه كان حوبا كبيرا ] أي ذنبا عظيما، فإن اليتيم بحاجة إلى رعاية وحماية لأنه ضعيف، وظلم الضعيف ذنب عظيم عند الله.. ثم أرشد تعالى إلى ترك التزوج من اليتيمة إذا لم يعطها مهر المثل فقال
[ وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ] أي إذا كانت تحت حجر أحدكم يتيمة، وخاف ألا يعطيها مهر مثلها، فليتركها إلى ما سواها، فإن النساء كثير ولم يضيق الله عليه ((اختار الطبري أن المعنى إن خفتم ألا تعدلوا في اليتامى فخافوا أيضا ألا تعدلوا بين النساء إذا نكحتموهن، وما أثبتناه هو الموافق لسبب النزول وهو اختيار ابن كثير )).
[ فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ] أي انكحوا ما شئتم من النساء سواهن، إن شاء أحدكم اثنتين، وإن شاء ثلاثا وإن شاء أربعا
[ فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ] أي إن خفتم عدم العدل بين الزوجات، فالزموا الاقتصار على واحدة