مسألة تعدد الزوجات ضرورة اقتضتها ظروف الحياة، وهي ليست تشريعا جديدا انفرد به الإسلام، وإنما جاء الإسلام فوجده بلا قيود ولا حدود وبصورة غير إنسانية، فنظمه وشذبه، وجعله علاجا ودواء لبعض الحالات الاضطرارية، التي يعاني منها المجتمع، وفي الحقيقة فإن تشريع التعدد مفخرة من مفاخر الإسلام، لأنه استطاع أن يحل (مشكلة اجتماعية) هي من أعقد المشاكل التي تعانيها الأمم والمجتمعات اليوم فلا تجد لها حلا.. إن المجتمع كالميزان يجب أن تتعادل كفتاه، فماذا نصنع حين يختل التوازن ويصبح عدد النساء أضعاف عدد الرجال ؟ أنحرم المرأة من (نعمة الزوجية) و(نعمة الأمومة) ونتركها تسلك طريق الفاحشة والرذيلة، أم نحل هذه المشكلة بطرق فاضلة نصون فيها كرامة المرأة، وطهارة الأسرة وسلامة المجتمع ؟ وأقرب الأمثلة شاهدا على ما نقول ما حدث في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث زاد عدد النساء زيادة فاحشة على عدد الرجال، فأصبح مقابل كل شاب ثلاث فتيات وهي حالة اختلال اجتماعي فكيف يواجهها المشرع ؟ لقد حل الإسلام المشكلة بتشريعه الإسلامي الرائع، بينهما وقفت المسيحية حائرة مكتوفة الأيدي لا تبدي ولا تعيد.. إن الرجل الأوروبي لا يبيح له دينه التعدد، لكنه يبيح لنفسه مصاحبة المئات من الفتيات بطريق الرذيلة، يرى الوالد منهم فتاته مع عشيقها فيسر ويغتبط، بل ويمهد لهما جميع السبل المؤدية لراحتهما، حتي أصبح ذلك عرفا ساريا اضطرت معه الدول إلى الاعتراف بمشروعية العلاقات الآثمة بين الجنسين، ففتحت باب (التدهور الخلقي) على مصراعيه، ووافقت على قبول مبدأ " تعدد الزوجات " ولكن تحت ستار المخادنة، وهو وزواج عرفي لكنه غير مسجل بعقد، ويستطيع الرجل أن يطردها متى شاء دون أن يتقيد حيالها بأي حق من الحقوق، والعلاقة بينهما علاقة جسد لا علاقة أسرة وزوجية، فأعجب من منع " تعدد الزوجات " بالحلال وإباحته بالحرام، حتي نزلوا بالمرأة من مرتبة الإنسانية إلى مرتبة الحيوانية. رب إن الهدى هداك وآيا تك حق تهدي بها من تشاء
قال الله تعالي :[ يوصيكم الله فى أولادكم.. إلى.. يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين ] من آية (١١) إلى نهاية آية (١٤).
المناسبة :
لما أوصى تعالى في الآيات السابقة بالأيتام، وذكر ضمنها حق الأقارب بالإجمال، أعقبه بذكر أحكام المواريث بالتفصيل، ليكون ذلك توضيحا لما سبق من الإجمال، ففرض نصيب الأولاد بنين وبنات، ثم ذكر نصيب الآباء والأمهات، ثم نصيب الأزواج والزوجات، ثم نصيب الإخوة والأخوات.
اللغة :
[ يوصيكم ] الوصية : العهد بالشيء والأمر به ولفظ الإيصاء أبلغ وأدل على الاهتمام من لفظ الأمر، لأنه طلب الحرص على الشيء والتمسك به
[ فريضة ] أي حقا فرضه الله وأوجبه
[ كلالة ] أن يموت الرجل ولا ولد له ولا والد أي لا أصل له ولا فرع، لأنها مشتقة من الكل بمعنى الضعف يقال : كل الرجل إذا ضعف وذهبت قوته
[ حدود الله ] أحكامه وفرائضه المحدودة التي لا تجوز مجاوزتها.
سبب النزول :
روي أن امرأة " سعد بن الربيع " جاءت رسول الله (ص) بابنتيها فقالت : يا رسول الله هاتان ابنتا (سعد بن الربيع) قتل أبوهما معك بأحد شهيدا، وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا ولا تنكحان إلا بمال فقال (ص) يقضي الله فى ذلك، فنزلت آية المواريث [ يوصيكم الله فى أولادكم ] الآية فأرسل رسول الله (ص) إلي عمهما أن أعط ابنتي سعد الثلثين، وأمهما الثمن، ومابقي فهو لك.
التفسير :
[ يوصيكم الله في أولادكم ] أي يأمركم الله ويعهد إليكم بالعدل في شأن ميراث أولادكم
[ للذكر مثل حظ الأنثيين ] أي للابن من الميراث مثل نصيب البنتين
[ فإن كن نساء فوق اثنين ] أي إن كان الورثة إناثا فقط، اثنتين فأكثر


الصفحة التالية
Icon