[ إن الله كان توابا رحيما ] أي مبالغا فى قبول التوبة واسع الرحمة. قال الفخر الرازي :" خص الحبس فى البيت بالمرأة وخص الإيذاء بالرجل لأن المرأة إنما تقع فى الزنا عند الخروج والبروز، فإذا حبست فى البيت انقطعت مادة هذه المعصية، وأما الرجل فإنه لا يمكن حبسه فى البيت، لأنه يحتاج إلى الخروج في إصلاح معاشه واكتساب قوت عياله، فلا جرم جعلت عقوبتهما مختلفة " ((قال الشهيد سيد قطب في الظلال :" فهذه توبة المضطر لجت به الغواية وأحاطت به الخطيئة، توبة الذي يتوب لأنه لم يعد لديه متسع لارتكاب الذنوب ولا فسحة لمقارفة الخطيئة، وهذه لا يقبلها الله لأنها لا تنشىء صلاحا في القلب ولا صلاحا في الحياة ولا تدل على تبدل في الطبع ولا في الاتجاه " )).
[ إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ] أي إنما التوبة التي كتب الله على نفسه قبولها، هي توبة من فعل المعصية سفها وجهالة، علما قبح المعصية وسوء عاقبتها ثم ندم وأناب
[ ثم يتوبون من قريب ] أي يتوبون سريعا قبل مفاجأة الموت
[ فأولئك يتوب الله عليهم ] أي يتقبل الله توبتهم
[ وكان الله عليما حكيما ] أي عليما بخلقه حكيما في شرعه
[ وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ] أي وليس قبول التوبة ممن أرتكب المعاصي واستمر عليها، حتى إذا فاجأه الموت تاب وأناب، فهذه توبة المضطر وهي غير مقبولة وفي الحديث " إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر "
[ ولا الذين يموتون وهم كفار ] أي يموتون على الكفر فلا يقبل إيمانهم عند الاحتضار
[ أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما ] أي هيأنا وأعددنا لهم عذابا مؤلما
[ يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ] أي لا يحل لكم أن تجعلوا النساء كالمتاع، ينتقل بالإرث من إنسان إلى آخر، وأن ترثوهن بعد موت أزواجهن كرها عنهن، قال ابن عباس : كانوا في الجاهلية إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاءوا تزوجها أحدهم، وإن شاءوا زوجوها غيرهم، وإن شاءوا منعوها الزواج
[ ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ] أي ولا يحل لكم أن تمنعوهن من الزواج أو تضيقوا عليهن، لتذهبوا ببعض ما دفعتموه لهن من الصداق
[ إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ] أي إلا فى حال إتيانهن بفاحشة الزنا، وقال ابن عباس : الفاحشة المبينة النشوز والعصيان
[ وعاشروهن بالمعروف ] أي صاحبوهن بما أمركم الله به من طيب القول، والمعاملة بالإحسان
[ فإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ] أي فإن كرهتم صحبتهن فاصبروا عليهن، واستمروا في الإحسان إليهن، فعسى أن يرزقكم الله منهن ولدا صالحا تقربه أعينكم، وعسى أن يكون في الشئ المكروه الخير الكثير، وفي الحديث الصحيح ( لا يفرك – أي لا – يبغض – مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا، رضي منها آخر).. ثم حذر تعالى من أخذ شيء من المهر بعد الطلاق فقال
[ وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج ] أي وإن أردتم أيها المؤمنون نكاح امرأة، مكان امرأة طلقتموها
[ وآتيتم إحداهن قنطارا ] أي والحال أنكم كنتم قد دفعتم لها مهرا كبيرا يبلغ قنطارا
[ فلا تأخذوا منه شيئا ] أي فلا تأخذوا منه ولو شيئا قليلا من ذلك المهر
[ أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا ] استفهام إنكاري أي أتأخذونه باطلا وظلما
[ وكيف تأخذونه وقد أفضي بعضكم إلى بعض ] أي كيف يباح لكم أخذه وقد استمتعتم بهن بالمعاشرة الزوجية ؟
[ وأخذن منكم ميثاقا غليظا ] أي أخذن منكم عهدا وثيقا مؤكدا هو " عقد النكاح " قال مجاهد : الميثاق الغليظ عقدة النكاح، وفي الحديث الشريف (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله).
البلاغة :
تضمنت الآيات من البيان والبديع وهي بإيجاز كما يلي :


الصفحة التالية
Icon