[ للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ] أي لكل من الفريقين في الميراث نصيب معين المقدار، قال الطبري : كل له جزءا على عمله بحسبه، إن خيرا فخير وإن شرا فشر
[ واسألوا الله من فضله ] أي وسلوا الله من فضله يعطكم، فإنه كريم وهاب
[ إن الله كان بكل شيء عليما ] أي ولذلك جعل الناس طبقات، ورفع بعضهم درجات
[ ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون ] أي ولكل إنسان جعلنا عصبة يرثون ماله، مما تركه الوالدان والأقارب من الميراث
[ والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ] أي والذين حالفتموهم في الجاهلية على النصرة والإرث، فأعطوهم حظهم من الميراث، وقد كان هذا في ابتداء الإسلام ثم نسخ، قال الحسن : كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما الآخر، فنسخ الله ذلك بقوله [ وأولا الأرحام بعضهم أولى ببعض ] وقال ابن عباس : كان المهاجرون حين قدموا المدينة يرث المهاجري الأنصاري دون ذوي رحمه، بالأخوة التي آخى رسول الله (ص) بينهم، فلما نزلت [ ولكل جعلنا موالي ] نسخت
[ إن الله كان على كل شيء شهيدا ] أي مطلعا على كل شيء وسيجازيكم عليه.. ثم بين تعالى أن الرجال يتولون أمر النساء في المسؤولية والتوجيه فقال
[ الرجال قوامون على النساء ] أي قائمون عليهن بالأمر والنهي، والإنفاق والتوجيه، كما يقوم الولاة على الرعية
[ بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ] أي بسبب ما منحهم الله من العقل والتدبير، وخصهم به من الكسب والإنفاق، فهم يقومون على النساء بالحفظ والرعاية، والإنفاق والتأديب، قال أبو السعود :" والتفضيل للرجال لكمال العقل، وحسن التدبير، ورزانة الرأي، ومزيد القوة، ولذلك خصوا بالنبوة والإمامة والولاية والشهادة والجهاد وغير ذلك
[ فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ] هذا تفصيل لحال النساء تحت رياسة الرجل، وقد ذكر تعالى أنهن قسمان : قسم صالحات مطيعات، وقسم عاصيات متمردات، فالنساء الصالحات مطيعات لله ولأزواجهن، قائمات بما عليهن من حقوق، يحفظن أنفسهن عن الفاحشة، وأموال أزواجهن عن التبذير، كما أنهن حافظات لما يجري بينهن وبين أزواجهن مما يجب كتمه، ويجمل ستره، وفي الحديث الشريف (إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر أحدهما سر صاحبه)
[ واللاتي تخافون نشوزهن ] هذا القسم الثاني وهن النساء العاصيات المتمردات أي واللاتي يتكبرن ويتعالين عن طاعة الأزواج، فعليكم أيها الرجال أن تسلكوا معهن سبل الإصلاح
[ فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ] أي فخوفوهن الله بطريق النصح والإرشاد، فإن لم ينجح الوعظ والتذكير، فاهجروهون في الفراش، فلا تكلموهن ولا تقربوهن، قال ابن عباس : الهجر ألا يجامعها وأن يضاجعها على فراشها ويوليها ظهره، فإن لم يرتدعن فاضربوهن ضربا غير مبرح
[ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ] أي فإن أطعن أمركم فلا تلتمسوا طريقا لإيذائهن
[ إن الله كان عليا كبيرا ] أي فإن الله تعالى أعلى منكم وأكبر، وهو ليهن ينتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن.. انظر كيف يعلمنا سبحانه أن نؤدب نساءنا، وأنظر إلى ترتيب العقوبات ودقتها حيث أمرنا بالوعظ، ثم بالهجران، ثم بالضرب ضربا غير مبرح، ثم ختم الآية بصفة العلو والعظمة، لينبه العبد على أن قدرة الله فوق قدرة الزوج عليها، وأنه تعالى عون الضعفاء وملاذ المظلومين !!
[ وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ] أي وإن خشيتم أيها الحكام مخالفة وعداوة بين الزوجين، فوجهوا حكما عدلا من أهل الزوج، وحكما عدلا من أهل الزوجة يجتمعان فينظران في أمرهما ويفعلان ما فيه المصلحة