[ إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ] أي إن قصدا إصلاح ذات البين وكانت نيتهما صحيحة وقلوبهما ناصحة لوجه الله، بورك في وساطتهما، وأوقع الله بين الزوجين الوفاق والألفة، وألقى في نفوسهما المودة والرحمة
[ إن الله كان عليما خبيرا ] أي عليما بأحوال العباد (حكيما) في تشريعه لهم
[ واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ] أي وحدوه وعظموه ولا تشركوا به شيئا من الأشياء، صنما أو غيره، واستوصوا بالوالدين برا وإنعاما وإحسانا وإكراما
[ وبذي القربى واليتامى والمساكين ] أي وأحسنوا إلى الأقارب عامة والى اليتامى والمساكين خاصة
[ والجار ذي القربى ] أي الجار القريب فله عليك حق الجوار وحق القرابة
[ والجار الجنب ] أي الجار الأجنبي الذى لا قرابة بينك وبينه
[ والصاحب بالجنب ] قال ابن عباس : هو الرفيق في السفر، وقال الزمخشري :" هو الذي صحبك، إما رفيقا في سفر، أو جارا ملاصقا، أو شريكا في تعلم علم، أو قاعدا إلى جنبك في مجلس، أو غير ذلك من له أدنى صحبة التأمت بينك وبينه، فعليك أن ترعى ذلك الحق ولا تنسه، وقيل : هي المرأة "
[ وابن السبيل ] أي المسافر الغريب الذي انقطع عن بلده وأهله
[ وما ملكت أيمانكم ] أي المماليك من العبيد والإماء
[ إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ] أي متكبرا في نفسه يأنف عن أقاربه وجيرانه، فخورا على الناس مترفعا عليهم، يرى أنه خير منهم، وهذه آية جامعة جاءت حثا على الإحسان واستطرادا لمكارم الأخلاق ومن تدبرها حق التدبر أغنته عن كثير من مواعظ البلغاء، ونصائح الحكماء.. ثم بين تعالى صفات هؤلاء الذين يبغضهم الله فقال
[ الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ] أي يمنعون ما أوجب الله عليهم من الإنفاق في سبيل الله، ويأمرون غيرهم بترك الإنفاق، والآية فى اليهود نزلت في جماعة منهم كانوا يقولون للأنصار : لا تنفقوا أموالكم في الجهاد والصدقات، وهي مع ذلك عامة
[ ويكتمون ما آتاهم الله من فضله ] أي يخفون ما عندهم من المال والغنى، ويخفون نعته عليه السلام الموجودة في التوراة
[ وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ] أي هيأنا للجاحدين نعمة الله عذابا أليما مع الخزي والإذلال لهم
[ والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ] أي ينفقونها للفخر والمباهاة والشهرة، لا ابتغاء وجه الله
[ ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ] أي ولا يؤمنون الإيمان الصحيح بالله واليوم الآخر، والآية في المنافقين
[ ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا ] أي من كان الشيطان صاحبا له وخليلا، يعمل بأمره، فساء هذا القرين والصاحب
[ وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله ] الاستفهام للإنكار والتوبيخ أي ماذا يضيرهم وأي تبعة ووبال عليهم في الإيمان بالله والإنفاق في سبيله ؟ قال الزمخشري : وهذا كما يقال للمنتقم : ما ضرك لو عفوت ؟ وللعاق : ما كان يرزؤك لو كنت بارا ؟ وهو ذم وتوبيخ وتجهيل بمكان المنفعة
[ وكان الله بهم عليما ] وعيد لهم بالعقاب أي سيجازيهم بما عملوا
[ إن الله لا يظلم مثقال ذرة ] أي لا يبخس أحدا من عمله شيئا، ولو كان وزن ذرة من التراب، أو الهباءة، وذلك على سبيل التمثيل تنبيها بالقليل على الكثير
[ وإن تك حسنة يضاعفها ] أي وإن كانت تلك الذرة حسنة، ينمها ويجعلها أضعافا كثيرة
[ ويؤت من لدنة أجرا عظيما ] أي ويعط تفضلا وزيادة على ثواب العمل، أجرا عظيما وهو الجنة
[ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ] أي كيف يكون حال الكفار والفجار، حين نأتي من كل أمة بنبيها يشهد عليها، ونأتي بك يا محمد على العصاة والمكذبين من أمتك، تشهد عليهم بالجحود والعصيان ؟! كيف يكون موقفهم ؟ وكيف يكون حالهم ؟ والاستفهام هنا للتوبيخ والتقريع


الصفحة التالية
Icon