[ إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا ] أي سوف ندخلهم نارا عظيمة هائلة، تشوي الوجوه والجلود
[ كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ] أي كلما انشوت جلودهم واحترقت احتراقا تاما، بدلناهم جلودا غيرها ليدوم لهم ألم العذاب، قال الحسن : تنضجهم النار في اليوم سبعين مرة، كلما أكلتهم قيل لهم : عودوا فعادوا كما كانوا، وقال الربيع : جلد أحدهم أربعون ذراعا، وبطنه لو وضع فيه جبل لوسعه، فإذا أكلت النار جلودهم بدلوا جلودا غيرها، وفي الحديث (يعظم أهل النار في النار حتى إن بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام، وإن غلظ جلده سبعون ذراعا وإن ضرسه مثل أحد
[ إن الله كان عزيزا حكيما ] أي هو سبحانه (عزيز) لا يمتنع عليه شيء، (حكيم) لا يعذب إلا بعدل
[ والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ] إخبار عن مآل السعداء أي سند خلهم جنات تجري فيها الأنهار، فى جميع فجاجها وأرجائها، مقيمين في الجنة لا يموتون
[ لهم فيها أزواج مطهرة ] أي لهم في الجنة زوجات مطهرات من الأقذار والأذى، قال مجاهد : مطهرات من البول والحيض، والنخام والبزاق، والمنى والولد
[ وندخلهم ظلا ظليلا ] أي ظلا دائما لا تنسخه الشمس، ولا حر فيه ولا برد، قال الحسن : وصف بأنه " ظليل " لأنه لا يدخله ما يدخل ظل الدنيا من الحر والسموم، وفى الحديث (إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها.
البلاغة :
تضمنت الآيات من الفصاحة والبلاغة والبديع ما يلي :
١- المجاز المرسل في [ أم يحسدون الناس ] المراد به محمد (ص) من باب تسمية الخاص باسم العام، إشارة إلى أنه (ص) جمعت فيه كمالات الأولين والآخرين.
٢- الاستعارة في [ يشرتون الضلالة ] وفي [ ليذوقوا العذاب ] لأن أصل الذوق باللسان ن فاستعير إلى الألم الذي يصيب الإنسان، وفي [ ليا بألسنتهم ] لأن أصل اللى : فتل الحبل، فاستعير للكلام الذي قصد به غير ظاهرة، وفي [ نطمس وجوها ] وهي عبارة عن مسخ الوجوه تشبيها بالصحيفة المطموسة التي عميت سطورها وأشكلت حروفها.
٣- الاستفهام الذي يراد به التعجب في [ ألم تر ] في موضعين.
٤- التعجب بلفظ الأمر في [ انظر كيف يفترون ] وتلوين الخطاب في [ يفترون ] وإقامته مقام الماضي للدلالة على الدوام والاستمرار.
٥- الاستفهام الذي يراد منه التوبيخ والتقريع في [ أم لهم نصيب ] وفي [ أم يحسدون ].
٦- التعريض في [ فإذا لا يؤتون الناس نقيرا ] عرض بشدة بخلهم.
٧- الطباق في [ وجوه.. وأدبار ] وفي [ آمنوا.. وكفروا ].
٨- جناس الاشتقاق في [ نلعنهم.. ولعنا ] وفي يؤتون.. وآتاهم وفي [ ظلا ظليلا ].
٩- الإطناب في مواضع، والحذف في مواضع.
قال تعالي :[ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات.. إلى.. وكفي بالله عليما ] من آية (٥٨) إلى نهاية آية (٧٠).
المناسبة :
لما ذكر تعالى حال اليهود، وما هم عليه من الحسد والعناد والجحود، وذكر ما أعده لهم من العذاب والنكال في الآخرة، أعقبه بتوجيه المؤمنين إلى طريق السعادة بطاعة الله ورسوله، وأداء الأمانات والحكم بالعدل بين الناس، ثم ذكر صفات المنافقين التي ينبغي الحذر منها والبعد عنها.
اللغة :
[ نعما ] : أصلها نعم ما أي نعم الشيء تعظيما له
[ تأويلا ] مآلا وعاقبه
[ يزعمون ] الزعم : الاعتقاد الظني، قال الليث : أهل العربية يقولون : زعم فلان إذا شكوا فيه فلم يعرفوا أكذب أو صدق، وقال ابن دريد : أكثر ما يقع على الباطل، ومنه قولهم " زعموا مطية الكذب "
[ توفيقا ] تأليفا والوفاق والوفق ضد المخالفة
[ بليغا ] مؤثرا
[ شجر ] اختلف واختلط ومنه الشجر لتداخل أغصانه واختلاط بعضها في بعض


الصفحة التالية
Icon