[ حرجا ] ضيقا وشكا، قال الواحدي : يقال للشجر الملتف لا يكاد يوصل اليه : حرج.
سبب النزول :
أ- روي أن رسول الله (ص) لما دخل مكة يوم الفتح أغلق " عثمان بن طلحة " باب الكعبة وصعد السطح، وأبى أن يدفع المفتاح لرسول الله (ص) وقال : لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه، فلوى على يده وأخذه منه وفتح بابها فدخل رسول الله (ص) وصلى ركعتين، فلما خرج أمر عليا أن يرد المفتاح إلى " عثمان بن طلحة " ويعتذر إليه، فقال له عثمان : آذيت وأكرهت ثم جئت تترفق !! فقال : قد أنزل الله في شأنك قرآنا [ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ] وقرأ عليه الآية، فاسلم عثمان فقال النبي (ص) :" خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة، لا يأخذها منكم إلا ظالم.
ب- عن ابن عباس أن رجلا من المنافقين يقال له " بشر " كان بينه وبين يهودي خصومة فقال اليهودي : تعال نتحاكم إلى محمد !! فقال المنافق : بل نتحاكم إلى " كعب بن الأشرف " – وهو الذي سماهن الله الطاغوت– فأبي اليهودي أن يخاصمه إلا إلى رسول الله(ص) فقضي رسول الله لليهودى على المنافق، فلما خرج من عنده لم يرض المنافق وقال : تعال نتحاكم الى عمر بن الخطاب فاتيا عمر فقال اليهودى : كان بينى وبين هذا خصومة فتحاكمنا الى محمد فقضى لى عليه فلم يرض بقضاءه، وزعم أنه يخاصمنى إليك !! فقال عمر للمنافق : أكذلك هو ؟ فقال نعم، فقال عمر : مكانكما حتى أخرج إليكما، فدخل عمر فاشتمل عليه سيفه ثم خرج فضرب به المنافق حتى برد – أي مات – وقال : هكذا أقضي فيمن لم ير بقضاء الله ورسوله، فنزلت الآية [ ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك.. ] الآية.
التفسير :
[ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ] الخطاب عام لجميع المكلفين، كما أن الأمانات تعم جميع الحقوق المتعلقة بالذمم سواء كانت حقوق الله أو العباد، قال الزمخشري : الخطاب عام لكل أحد في كل أمانة، والمعني : يأمركم الله أيها المؤمنون بأداء الأمانات إلى أربابها، قال ابن كثير : يأمر تعالى بأداء الأمانات إلى أهلها، وهو يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله عز وجل على عباده من الصلاة والزكاة والصيام والكفارات وغيرها، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغيرها
[ وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ] أي ويأمركم أن تعدلوا بين الناس في أحكامكم
[ إن الله نعما يعظكم به ] أي نعم الشيء الذي يعظكم به
[ إن الله كان سميعا بصيرا ] فيه وعد ووعيد أي سميع لأقوالكم، بصير بأفعالكم
[ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ] أي اطيعوا الله وأطيعوا رسوله بالتمسك بالكتاب والسنة، وأطيعوا الحكام إذا كانوا مسلمين متمسكين بشرع الله، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وفي قوله [ منكم ] دليل على أن الحكام الذين تجب طاعتهم، يجب أن يكونوا مسلمين حسا ومعني، لحما ودما، لا أن يكونوا مسلمين صورة وشكلا
[ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ] أي فإن اختلفتم في أمر من الأمور فاحتكموا فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله (ص)
[ إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ] أي إن كنتم مؤمنين حقا، وهو شرط حذف جوابه لدلالة ما سبق، أي فردوه إلى الله والرسول، والغرض منه الحث على التمسك بالكتاب والسنة، كما يقول القائل : إن كنت ابني فلا تخالفني
[ ذلك خير وأحسن تأويلا ] أي الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله، خير لكم وأصلح، وأحسن عاقبة ومآلا.. ثم ذكر تعالى صفات المنافقين الذين يدعون الإيمان وقلوبهم خاوية منه فقال سبحانه
[ ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا ] تعجيب من أمر من يدعي الإيمان ثم لا يرضى بحكم الله !! أي ألا تعجب من صنيع هؤلاء المنافقين، الذين يزعمون الإيمان


الصفحة التالية
Icon