[ كفل ] نصيب وأكثر ما يستعمل الكفل في الشر
[ مقيتا ] مقتدرا من أقات على الشيء قدر عليه، قال الشاعر : وذي ضغن كففت النفس عنه وكنت على مساءته مقيتا
سبب النزول :
ن ابن عباس ان عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النبي(ص) بمكة فقالوا : يا نبي الله لقد كنا في عز ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذلة ؟ فقال : إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم، فلما حوله الله تعالى إلى المدينة أمره بالقتال، فكفوا فأنزل الله [ ألم تر إلي الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة.. ] الآية.
لتفسير :
يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم ] أي يا معشر المؤمنين احترزوا من عدوكم واستعدوا له
[ فانفروا ثبات أو انفروا جميعا ] أي اخرجوا إلى الجهاد جماعات متفرقين، سرية بعد سرية، أو اخرجوا مجتمعين في الجيش الكثيف، فخيرهم تعالى في الخروج إلى الجهاد متفرقين ومجتمعين
[ وان منكم لمن ليبطئن ] أي ليتثاقلن ويتخلفن عن الجهاد، والمراد بهم (المنافقون) وجعلوا من المؤمنين باعتبار زعمهم واعتبار الظاهر
[ فإن أصابتكم مصيبة ] أي قتل وهزيمة
[ قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا ] أي قال ذلك المنافق : قد تفضل الله على، إذ لم أشهد الحرب معهم، فأقتل ضمن من قتلوا
[ ولئن أصابكم من الله ] أي ولئن أصابكم أيها المؤمنون نصر وظفر وغنيمة
[ ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فورا عظيما ] أي ليقولن هذا المنافق قول نادم متحسر، كأن لم يكن بينكم وبينه معرفة وصداقة : يا ليتني كنت معهم في الغزو، لأنال حظا وافرا من الغنيمة، وجملة [ كأن لم تكن ] اعتراضية للتنبيه على ضعف إيمانهم، وهذه المودة في ظاهر المنافق لا في اعتقاده، فهو يتمني أن لو كان مع المؤمنين، لا من أجل عزة الإسلام، بل طلبا للمال وتحصيلا للحطام.. ولما ذم تعالى المبطئين عن القتال في سبيل الله، رغب المؤمنين فيه فقال :
[ فيقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ] أي فليقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم وأموالهم في سبيل الله، الذين يبيعون الحياة الفانية بالحياة الباقية
[ ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما ] هذا وعد منه سبحانه، بالأجر العظيم لمن قاتل في سبيل الله، سواء غلب أو غلب أي من يقاتل في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، فيستشهد أو يظفر على الأعداء، فسوف نعطيه ثوابا جزيلا، فهو فائز بإحدي الحسنيين : الشهادة أو الغنيمة، كما في الحديث " تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي، وإيمان بي، وتصديق برسلي، فهو علي ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه، نائلا ما نال من أجر أو غنيمة "
[ وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والوالدان ] الاستفهام للحث والتحريض على الجهاد، أي وما لكم أيها المؤمنون لا تقاتلون في سبيل الله، وفي سبيل خلاص المستضعفين من إخوانكم الذين صدهم المشركون عن الهجرة ؟ فبقوا مستذلين مستضعفين يلقون أنواع الأذى الشديد ؟! وقوله :[ من الرجال والنساء والولدان ] بيان للمستضعفين، قال ابن عباس :" كنت أنا وأمي من المستضعفين " وهم الذين كان يدعو لهم الرسول (ص) فيقول : الله أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام إلخ كما في الصحيح
[ الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية ] أي الذين يدعون ربهم لكشف الضر عنهم، قائلين : يا ربنا أخرجنا من هذه القرية، وهي (مكة) إذ إنها كانت موطن الكفر ولذا هاجر الرسول(ص) منها
[ الظالم اهلها ] بالكفر وهم صناديد قريش الذين منعوا المؤمنين من الهجرة، ومنعوا من ظهور الاسلام فيها


الصفحة التالية
Icon