[ ان تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون ] أى ان كنتم تتألمون من الجراح والقتال، فأنهم يتألمون أيضا منه كما تتألمون، ولكنكم ترجون من الله الشهادة والمثوبة والنصر، حيث لا يرجونه هم
[ وكان الله عليما حكيما ] أى عليما ثمصالح خلقه، حكيما في تشريعه وتدبيره، قال القرطبي : نزلت هذه الآية في حرب أحد، حيث أمر (ص) بالخروج في آثار المشركين،
وكان بالمسلمين جراحات، وكان (ص) قد أمر ألا يخرج معه إلا من حضر في تلك الوقعة، وقيل : هذا في كل جهاد!.
[ انا انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ] أى انا انزلنا اليك يا محمد القرآن بالحق الواضح المنير، لتحكم بين الناس ثما عرفك الله وأوحى به اليك
[ ولا تكن للخائنين خصيما ] أى لا تكن مدافعا ومخاصما عن الخائنين، تجادل وتدافع عنهم، والمراد به " طعمة بن ابيرق " وجماعته
[ واستغفر الله ] أى استغفر الله مما هممت به من الدفاع عن " طعمة " إطمئنانا لشهادة قومه بصلاحه
[ ان الله كان غفورا رحيما ] أى مبالغا في المغفرة والرحمة لمن يستغفره
[ ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم ] اي لا تخاصم وتدافع عن الذين يخونون أنفسهم بالمعاصي
[ ان الله لا يحب من كان خوانا أثيما ] أى لا يحب من كان مفرطا في الخيانة، منهمكا في المعاصي والآثام
[ يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله ] أى يستترون من الناس خوفا وحياء، ولا يستحيون من الله وهو أحق بأن يستحيا منه ويخاف من عقابه
[ وهو معهم اذ يبيتون ما لا يرضى من القول ] أى وهو معهم جل وعلا، عالم بهم وبأحوالهم، يسمع ما يدبرونه في الخفاء، ويضمرونه فى السر، من رمي البريء، وشهادة الزور، والحلف الكاذب
[ وكان الله بما يعملون محيطا ] أى لا يعزب عنه شيء منها ولا يفوت.. ثم قال تعالى توبيخا لقوم طعمة
[ ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا ] أى هأنتم يا معشر القوم، دافعتم عن السارق والخائن في الدنيا
[ فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ] ؟ أى فمن يدافع عنهم في الاخرة، إذا أخذهم الله بعذابه ؟
[ أم من يكون عليهم وكيلا ] ؟ أي من يتولى الدفاع عنهم ونصرتهم من بأس الله وانتقامه ؟ والاستفهام في الموضعين للنفي، أى لا أحد يجادل عنهم، ولا أحد يكون عليهم وكيلا.. ثم دعاهم الله تعالى الى الانابة والتوبة فقال :
[ ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ] أى من يعمل أمرا قبيحا، يسوء به غيره، كإتهام بريء، أو يرتكب جريمة يظلم بها نفسه كالسرقة
[ ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ] أى ثم يتوب من ذنبه، يجد الله عظيم المغفرة واسع الرحمة، قال ابن عباس : عرض الله التوبة بهذه الآية على بني ابيرق
[ ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما ] أى من يقترف إثما متعمدا، فإنما يعود وبال ذلك على نفسه، وكان الله عليما بذنبه، حكيما في عقابه
[ ومن يكسب خطيئة أو إثما ] أى من يفعل ذنبا صغيرا أو إثما كبيرا
[ ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا ] أى ثم ينسب ذلك الى بريء ويتهمه به، فقد تحمل جرما وذنبا واضحا.. ثم بين تعالى فضله على رسوله فقال :
[ ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم ان يضلوك ] أى لولا فضل الله عليك بالنبوة ورحمته بالعصمة، لهمت جماعة منهم أن يضلوك عن الحق، وذلك حين
سألوا الرسول (ص) ان يبرىء صاحبهم " طعمة " من التهمة، ويلحقها باليهودي فتفضل الله عز وجل على رسوله، بأن أطلعه على الحقيقة
[ وما يضلون إلا أنفسهم ] اى وبال اضلالهم راجع عليهم


الصفحة التالية
Icon