[ وما يضرونك من شيئ ] أى وما يضرونك يا محمد، لأن الله عاصمك من ذلك وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة ] أى انزل الله عليك القرآن والسنة، فكيف يضلونك وهو تعالى ينزل عليك الكتاب، ويوحي إليك بالأحكام
[ وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما ] أى علمك ما لم تكن تعلمه من الشرائع والامور الغيبية، وكان فضله تعالى عليك كبيرا، بالوحي والرسالة، وسائر النعم الجسيمة.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة من البلاغة والبيان والبديع أنواعا نوجزها فيما يلي :
ا - الاستفهام الذي يراد به التوبيخ والتقريع في [ قالوا فيم كنتم ] ؟ وفي [ ألم تكن ارض الله واسعة ] ؟.
٢ -اطلاق العا م وإرادة الخاص [ فإذا قضيتم الصلاة ] أريد بها صلاة الخوف، التى شرعت في أيام الحرب.
٣ - الجناس المغاير في [ يعفو.. عفوا ] وفي [ يهاجر.. مهاجرا ] وفي [ يختانون.. خوانا ] وفى [ يستغفر.. غفورا ].
٤ - اطلاق الجمع على الواحد في [ توفاهم الملائكة ] يراد به ملك الموت، وذكر بصيغة الجمع تفخيما له وتعظيما لشأنه.
٥ - طباق السلب [ يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله، الأول مثبت، والثاني منفي.
٦ - الاطناب بتكرار لفظ الصلاة تنبيها على فضلها [ فأقيموا الصلاة أن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ].
قال الله تعالى :[ لا خير في كثير من نجواهم.. الى.. فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا ] من آية (١١٤ ) الى نهاية آية (١٣٤)
المناسبة :
ذكر تعالى قصة " طعمة " وحادثة السرقة التي أتهم بها اليهودي البريء، ودفاع قومه عنه، وتآمرهم لايقاع البريء بها، ثم ذكر تعالى هنا ان موضوع (النجوى) لا يخفى على الله، وان كل تدبير في السر يعلمه الله، وانه لا خير في التناجي، إلا ما كان بقصد الخير والاصلاح.
اللغة :
[ نجواهم ] النجوى : السر بين الاثنين، قال الواحدي : ولا تكون النجوى !لا بين اثنين
[ يشاقق ] يخالف، والشقاق : الخلاف مع العداوة لأن كلا من المتخالفين يكون في شق غير شق الاخر
[ مريدا ] المريد : العاتى المتمرد، من مرد اذا عتا وتجبر، قال الازهري : مرد الرجل إذا عتا وخرج عن الطاعة فهو مارد ومريد
[ فليبتكن ] البتك : القطع، ومنه سيف باتك أى قاطع
[ محيصا ] مهربا من حاص اذا هرب ونفر، وفي المثل " وقعوا في حيص بيص " أى فيما لا يقدرون على التخلص منه
[ خليلا ] من الخلة وهي صفاء المودة، قال ثعلب : سمي الخليل خليلا، لأن محبته تتخلل القلب فلا تدعو فيه خللا الا ملأته، قال بشار :
قد تخللت مسلك الروح مني وبه سمي الخليل خليلا
[ الشح ] شدة البخل
[ المعلقة ] هي التي ليست ذات بعل ولا مطلقة.
سبب النزول :
ا - لما سرق " طعمة بن ابيرق " وحكم النبي، عليه بالقطع، هرب الى مكة وارتد عن الاسلام، فأنزل الله [ ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ] (٢) الآية.
ب - قال قتادة : تفاخر المؤمنون وأهل الكتاب، فقال أهل الكتاب : نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونحن أحق بالله منكم، وقال المؤمنون : نبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضى على سائر الكتب، فنزلت الآية [ ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب ] الآية.
التفسير :
[ لا خير في كثير من نجواهم ] أى لا خير في كثير مما يسره القوم، ويتناجون به في الخفاء
[ إلا من أمر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس ] أى الا نجوى من أمر بصدقة ليعطيها سرا، أو أمر بطاعة الله. قال الطبري : المعروف هو كل ما أمر الله به او ندب اليه من أعمال البر والخير، والاصلاح هو الاصلاح بين المختصمين
[ ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله ] أى ومن يفعل ما أمر به من البر والمعروف، والاصلاح طلبا لرضى الله تعالى، لا لشيء من أغراض الدنيا


الصفحة التالية
Icon