[ ومن أصدق من الله قيلا ] أى ومن أصدق من الله قولا ؟ والاستفهام معناه النفي، أى لا أحد أصدق قولا من الله، قال ابو السعود : والمقصود معارضة مواعيد الشيطان الكاذبة لقرنائه، بوعد الله الصادق لأوليائه
[ ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب ] أى ليس ما وعد الله تعالى من الثواب، يحصل بأمانيكم ايها المسلمون، ولا بأماني أهل الكتاب، إنما يحصل بالإيمان والعمل الصالح. قال الحسن البصري :(ليس الايمان بالتمنى ولكن ما وقر في القلب، وصدقه العمل، ان قوما الهتهم الأمانى، حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم، وقالوا : نحسن الظن بالله، وكذبوا لو أحسنوا الظن به لأحسنوا العمل )
[ من يعمل سوءا يجزى به ] أى من يعمل السوء والشر، ينال عقابه عاجلا أم آجلا
[ ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ] أى لا يجد من يحفظه او ينصره من عذاب الله
[ ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن ] أى ومن يعمل الاعمال الصالحة، سواء كان ذكرا أو أنثى بشرط الايمان
[ فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ] أى يدخلهم الله الجنة، ولا ينقصون شيئا حقيرا من ثواب أعمالهم، كيف لا والمجازي هو أرحم الراحمين ! ! وانما قال :[ وهو مؤمن ] ليبين ان الطاعة لاتنفع من دون الايمان.. ثم قال تعالى :
[ ومن أحسن دينا ممن اسلم وجهه لله ] ؟ أى لا أحد احسن دينا ممن انقاد لأمر الله وشرعه، وأخلص عمله لله
[ وهو محسن ] أى مطيع لله مجتنب لنواهيه
[ وإتبع ملة ابراهيم حنيفا ] أى واتبع الدين الذي كان عليه (ابراهيم ) خليل الرحمن، مستقيما على منهاجه وسبيله، وهو دين الاسلام
[ واتخذ الله إبراهيم خليلا ] أى صفيا اصطفاه لمحبته وخلته. قال ابن كثير : فانه انتهى إلى درجة الخلة، التى هي أرفع مقامات المحبة، وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه
[ ولله ما في السموات وما في الارض ] أى جميع ما في الكائنات، ملكه وعبيده وخلقه، وهو المتصرف في جميع ذلك لا راد لما قض، ولا معقب لما حكم
[ وكان الله بكل شيء محيطا ] أى علمه نافذ في جميع الامور، لا تخفى عليه خافية
[ ويستفتونك في النساء ] أى يسألونك عما يجب عليهم في أمر النساء
[ قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب ] أى قل لهم يا محمد : الله يبين لكم ما سألتم في شأنهن، ويبين لكم ما يتلى في القرآن من أمر ميراثهن
[ في يتامى النساء اللاتي لا تأتونهن ما كتب لهن وترغبون ان تنكحوهن ] أى ويفتيكم أيضا في اليتيمات اللواتى ترغبون في نكاحهن لجمالهن أو لمالهن، ولا تدفعون لهن مهورهن كاملة، فنهاهم الله عز وجل عن ذلك. قال ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه، فاذا فعل ذلك، لم يقدر أحد أن يتزوجها أبدا، فإن كانت جميلة وأحبها تزوجها وأكل مالها، وان كانت دميمة منعها الرجال حتى تموت، فإذا ماتت ورثها، فحرم الله ذلك، ونهى عنه
[ والمستضعفين من الولدان وان تقوموا لليتامى بالقسط ] أى وبفتيكم فى المستضعفين الصغار ان تعطوهم حقوقهم، وان تعدلوا مع اليتامى في الميراث والمهر، وقد كان أهل الجاهلية لا يورثون الصغار، ولا النساء، ويقولون : كيف نعطي المال، من لا يركب فرسا ولا يحمل سلاحا، ولا يقاتل عدوا! ؟ فنهاهم الله عن ذلك، وأمرهم ان يعطوهم نصيبهم من الميراث
[ وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما ] أى وما تفعلوه من عدل وبر فى أمر النساء واليتامى، فإن الله يجازيكم عليه، قال ابن كثير : وهذا تهييج على فعل الخيرات وامتثال الاوامر، وان الله سيجزي عليه أوقر الجزاء.. ثم ذكر تعالى حكم نشوز الرجل فقال :


الصفحة التالية
Icon