[ والكتاب الذي انزل من قبل ] أى وبالكتب السماوية التي أنزلها من قبل القرآن، قال ابو السعود : المراد بالكتاب الجنس المنتظم لجميع الكتب السماوية.
[ ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا ] أى ومن يكفر بشيء من ذلك فقد خرج عن طريق الهدى، وبعد عن القصد كل البعد
[ ان الذين أمنوا ثم كفروا ثم أمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا ] هذه الآية في المنافقين ((وقيل إنها في اليهود آمنوا بموسى ثم كفروا بعبادة العجل ثم امنوا بعد عودة موسى إليهم ثم كفروا بعيسى ثم ازدادوا كفرا بكفرهم بمحمد وهو قول قتادة واختاره الطبري، والأول أظهر )) فإنهم أمنوا ثم إرتدوا، ثم أمنوا ثم إرتدوا ثم ماتوا على الكفر، قال ابن عباس : دخل في هذه الآية كل منافق، كان في عهد النبي (ص)، في البر والبحر. وقال ابن كثير : يخبر تعالى عمن دخل في الايمان ثم رجع فيه، ثم عاد الى الايمان ثم رجع عنه، واستمر على ضلاله، وازداد حتى مات، فإنه لا توبة له بعد موته، ولا يغفر الله له، ولا يجعل له مما هو فيه فرجا ولا مخرجا، ولا طريقا الى الهدى ) ولهذا قال تعالى :
[ لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا ] أى لم يكن الله ليسامحهم على ذلك، ولا ليهديهم طريقا الى الجنة. قال الزمخشري : ليس المعنى أنهم لو اخلصوا الايمان بعد تكرار الردة لم يقبل منهم، ولم يغفر لهم، ولكنه استبعاد له وإستغراب، كأنه أمر لا يكاد يكون، وهكذا ترى الفاسق الذي يتوب ثم يرجع، ثم يتوب ثم يرجع، لا يكاد يرجى منه الثبات، والغالب انه يموت على شر حال..
ثم اخبر تعالى عن مال المنافقين فقال سبحانه :
[ بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما ] عبر تعالى بلفظ [ بشر ] تهكما بهم، أى أخبر يا محمد المنافقين بعذاب النار الاليم
[ الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ] أى أولئك هم الذين يوالون الكافرين، ويتخذونهم أعوانا وانصارا، لما يتوهمونه فيهم من القوة ويتركون ولاية المؤمنين
[ أيبتغون عندهم العزة ] أى أيطلبون ثموا لاة الكفار القوة والغلبة ؟ والاستفهام إنكاري أى ان الكفار لا عزة لهم، فكيف تبتغى منهم ! ؟
[ فإن العزة لله جميعا ] أى العزة لله ولأوليائه. قال ابن كثير والمقصود من هذا التهييج على طلب العزة من جناب الله
[ وقد نزل عليكم في الكتاب ] أى نزل عليكم في القرآن، والخطاب لمن أظهر الايمان من مؤمن ومنافق
[ ان اذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها ] أى أنزل عليكم انه اذا سمعتم القرآن، يكفر به الكافرون، ويستهزأ به المستهزئون
[ فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ] أى لا تجلسوا مع الكافرين الذين يستهزئون بآيات الله، حتى يتحدثوا بحديث اخر، ويتركوا الخوض في القرآن
[ انكم اذا مثلهم ] أى انكم ان قعدتم معهم، كنتم مثلهم في الكفر
[ ان الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا ] أى يجمع الفريقين (الكافرين، والمنافقين ) في الاخرة في نار جهنم، لأن المرء مع من أحب، وهذا الوعيد منه تعالى للتحذير من مخالطتهم ومجالستهم.. ثم ذكر تعالى ترقبهم السوء بالمؤمنين فقال :
[ الذين يتربصون بكم ] أى ينتظرون بكم الدوائر
[ فإن كان لكم فتح من الله ] أى غلبة على الاعداء وغنيمة
[ قالوا ألم نكن معكم ] أى فأعطونا مما غنمتموه من الكافرين
[ وإن كان للكافرين نصيب ] أى ظفر عليكم يا معشر المؤمنين
[ قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين ] أى قالوا للمشركين : ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم وأسركم، فأبقينا عليكم، وثبطنا عزائم المؤمنين، حتى انتصرتم عليهم ؟ فهاتوا نصيبنا مما اصبتم، لأننا نواليكم ولا نترك أحدا يؤذيكم ! ! قال تعالى بيانا لمآل الفريقين


الصفحة التالية
Icon