[ فإن الله كان عفوا قديرا ] أى كان مبالغا في العفو عنكم مع كمال قدرته على المؤاخذة، قال الحسن : يعفو عن الجانين مع قدرته على الانتقام فعليكم ان تقتدوا بسنة الله تعالى.. حث تعالى على العفو، وأشار الى انه عفو مع قدرته، فكيف لا تعفون مع ضعفكم وعجزكم ؟
[ إن الذين يكفرون بالله ورسله ] الآية نزلت في اليهود والنصارى، لأنهم آمنوا بانبيائهم وكفروا بمحمد وغيره، فجعل كفرهم ببعض الرسل، كفرا بجميع الرسل، وكفرهم بالرسل كفرا بالله تعالى
[ ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ] التفريق بين الله ورسله : هو أن يؤمنوا بالله ويكفروا برسله، وكذلك التفريق بين الرسل، هو الكفر ببعضهم والايمان ببعضهم، وقد فسره تعالى بقوله بعده
[ ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ] أى نؤمن ببعض الرسل ونكفر ببعض، قال قتادة : اولئك أعداء الله اليهود، والنصارى، آمنت اليهود بالتوراة وموسى، وكفروا بالإنجيل وعيسى، وآمنت النصارى بالإنجيل وعيسى، وكفروا بالقرآن وبمحمد (ص) وتركوا الاسلام دين الله الذي بعث به رسله
[ ويريدون ان يتخذوا بين ذلك سبيلا ] أى طريقا وسطا بين الكفر والايمان ولا واسطة بينهما
[ اولئك هم الكافرون حقا ] أى هؤلاء الموصوفون بالصفات القبيحة، هم الكافرون يقينا ولو ادعوا الإيمان
[ وإعتدنا للكافرين عذابا مهينا ] أى هيأنا لهم عذابا شديدا، مع الإهانة والخلود في نار جهنم
[ والذين امنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم ] أى صدقوا الله وأقروا بجميع الرسل وهم (المؤمنون ) اتباع محمد(ص) لم يفرقوا بين احد من رسله، بل آمنوا بجميعهم
[ اولئك سوف يؤتيهم اجورهم ] أى سنعطيهم ثوابهم الكامل على الإيمان بالله ورسله
[ وكان الله غفورا رحيما ] أى غفورا لما سلف منهم، من المعاصي والآثام، متفضلا عليهم بانواع الإنعام
[ يسألك اهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء ] نزلت في أحبار اليهود حين قالوا للنبي (ص) إن كنت نبيا فأتنا بكتاب من السماء جملة، كما تى به موسى جملة، وانما طلبوا ذلك على وجه التعنت والعناد، فذكر تعالى ان في سؤالهم لنبيهم موسى ما هو أفظع وأشنع، تسلية للنبي (ص) للتأسي بالرسل فقال :
[ فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة ] أى سألوا موسى رؤية الله عز وجل عيانا
[ فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ] أى جاء بهم من السماء نار فاهلكتهم بسبب ظلمهم
[ ثم اتخدوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات ] أى ثم اتخذوا العجل إلها وعبدوه، من بعد ما جاءتهم المعجزات والحجج الباهرات، من العصا، واليد وفلق البحر وغيرها. قال ابو السعود : وهذه المسآلة - وهي طلب رؤية الله - لأن صدرت عن أسلافهم، لكنهم لما كانوا مقتدين بهم في كل ما ياتون ويذرون أسندت اليهم
[ فعفونا عن ذلك ] أى عفونا عما ارتكبوه مع عظم جريمتهم وخيانتهم
[ وآتينا موسى سلطانا مبينا ] أى حجة ظاهرة تظهر صدقه وصحة نبوته. قال الطبري : وتلك الحجة هي الآيات البينات التي آتاه الله اياها
[ ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم ] أى رفعنا الجبل فوقهم، لما امتنعوا عن قبول شريعة التوراة بسبب الميثاق ليقبلوه
[ وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا ] اي ادخلوا باب (بيت المقدس )، مطأطئين رءوسكم خضوعا لله، فخالفوا ما أمروا به ودخلوا يزحفون على أستاههم - مقاعدهم - وهم يقولون حنطة قي شعرة، استهزاء
[ وقلنا لهم لا تعدوا في السبت ] أى لا تعتدوا باصطياد الحيتان يوم السبت، فخالفوا واصطادوا
[ وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ] أى عهدا وثيقا مؤكدا
[ فبما نقضهم ميثاقهم ] أى فبسبب نقضهم الميثاق، لعناهم وأذللناهم، و[ ما ] لتأكيد المعنى
[ وكفرهم بآيات الله ] أى وبجحودهم بالقرآن العظيم
[ وقتلهم الانيباء بغير حق ] كزكريا ويحيى عليهما السلام


الصفحة التالية
Icon