[ وقولهم قلوبنا غلف ] أى قولهم للنبي (ص) قلوبنا مغشاة بأغشية، لا تعى ما تقوله يا محمد، قال تعالى ردا عليهم
[ بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ] أى بل ختم تعالى عليها بسبب الكفر والضلال، فلا يؤمن منهم إلا القليل كعبد الله بن سلام واصحابه
[ وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما ] أى وبكفرهم بعيسى عليه السلام أيضا، ورميهم مريم بالزنى، وقد فضلها الله على نساء العالمين
[ وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ] أى قتلنا هذا الذي يزعم انه رسول الله، وهذا إنما قالوه على سبيل (التهكم والاستهزاء) وإلا فهم يزعمون ان عيسى ابن زنى، وامه زانية، ولا يعتقدون انه رسول الله، قال تعالى تكذيبا لهم :
[ وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ] اي وما قتلوا عيسى ولا صلبوه، ولكن قتلوا وصلبوا من القي عليه شبهه، قال البيفاوي : روي ان رجلا كان ينافق لعيسى، فخرج ليدل عليه، فألقى الله عليه شبهه، فأخذ وصلب وهم يظنون انه عيسى
[ وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ] أى وان الذين اختلفوا في شأن عيسى لفي شك من قتله.. روي انه لما رفع عيسى والقي شبهه على غيره فقتلوه قالوا : ان كان هذا المقتول (عيسى) فأين صاحبنا ؟ وان كان هذا صاحبنا فاين عيسى ؟ فاختلفوا فقال بعضمهم : هو عيسى، وقال بعضهم : ليس هو عيسى بل هو غيره، فأجمعوا ان شخصا قد قتل، واختلفوا من كان
[ ما لهم به من علم إلا اتباع الظن ] أى ما لهم بقتله علم حقيقي، ولكنهم يتبعون فيه الظن الذي تخيلوه
[ وما قتلوه يقينا بل رفعه الله اليه ] أى وما قتلوه متيقنين انه هو بل شاكين متوهمين، ونجاه الله من شرهم، فرفعه الى السماء حيا بجسده وروحه، كما دلت على ذلك الاحاديث الصحيحة ((منها ما رواه الشيخان " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية "... الحديث ))
[ وكان الله عزيزا حكيما ] أى عزيزا في ملكه (حكيما) في صنعه
[ وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ] أى ليس أحد من اليهود والنصارى، إلا ليؤمنن قبل موته بعيسى، وبأنه عبد الله ورسوله، حين يعاين ملائكة الموت، ولكن لا ينفعه إيمانه، قال ابن عباس : لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى، قيل له : أرأيت ان ضربت عنق أحدهم ؟ قال : يلجلج بها لسانه، وكذا صح عن مجاهد وعكرمة وابن سيرين ((اختار الطبري أن الضمير في ﴿قبل موته ﴾ يعود على عيسى ويصبح المعنى : لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا ويؤمن بعيسى قبل موت عيسى، لما ينزل قرب الساعة، وما ذكرناه هو اختيار أبي السعود، والكشاف، والجلالين، وهو قول ابن عباس ))
[ ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا ] أى يشهد عيسى على اليهود بأنهم كتبوه، وعلى النصارى بأنهم دعوه ابن الله
[ فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ] أى بسبب ظلم اليهود، وما ارتكبوه من الذنوب العظيمة، حرمنا عليهم أنواعا من الطيبات التي كانت محللة لهم
[ وبصدهم عن سبيل الله كثيرا ] أى ويمنعهم كثيرا من الناس عن الدخول في دين الله، قال مجاهد : صدوا أنفسهم وغيرهم عن الحق
[ واخذهم الربا وقد نهوا عنه ] أى تعاطيهم الربا، وقد حرمه الله عليهم فى التوراة
[ وأكلهم أموال الناس بالباطل ] أى بالرشوة وسائر الوجوه المحرمة
[ وأعتدنا للكافرين منهم عذابا اليما ] أى وهيأنا لمن كفر من هؤلاء اليهود، العذاب المؤلم الموجع
[ لكن الراسخون في العلم منهم ] أى لكن المتمكنون في العلم منهم، والثابتون فيه كعبد الله بن سلام وجماعته
[ والمؤمنون ] أى من المهاجرين والانصار أصحاب النبي، ومن سائر أهل الكتاب
[ يؤمنون بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك ] أى يؤمنون بالكتب والانبياء


الصفحة التالية
Icon