[ والمقيمين الصلاة ] أى امدح المقيمين الصلاة، فهو نصب على المدح
[ والمؤتون الزكاة ] أى المعطون زكاة أموالهم
[ والمؤمنون بالله واليوم الاخر ] أي والمؤمنون بوحدانية الله وبالبعث بعد الموت
[ أولئك سنؤتيهم اجرا عظيما ] أى هؤلاء الموصوفون بالأوصاف الجليلة، سنعطيهم ثوابا جزيلا على طاعتهم لله، وهو الخلود في الجنة دار النعيم.
البلاغة :
تضمنت الايات انواعا من الفصاحة والبديع نوجزها فيما يلي :
ا - الطباق بين [ تبدوا.. او تخنوه ] وبين [ نؤمن.. ونكفر ].
٢ - التعريض والتهكم في [ قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ] قالوه على سبيل التهكم والإستهزاء، لأنهم لا يؤمنون برسالته.
٣ - زيادة الحرف لمعنى التاكيد [ فبما نقضهم، أى فبنقضهم.
٤ - الاستعارة في [ الراسخون في العلا ] استعار الرسوخ للثبوت في العلم والتمكن فيه، وكذلك الاستعارة في [ قلوبنا غلف ] استعار الغلاف بمعنى الغطاء، لعدم الفهم والادراك، قشبه قلوبهم بأنها
مغطاة بحجب كثيفة.
٥ - الاعتراض في [ بل طبع الله عليها بكفرهم ] ردا لمزاعمهم الفاسدة.
٦ - الإلتفات في [ أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما ] والاصل سيؤتيهم وتنكير الاجر للتفخيم.
٧ - المجاز المرسل في [ وقتلهم الانبياء ] حيث أطلق الكل وأريد البعض وكذلك في [ كفرهم بآيات الله ] لأنهم كفروا بالقرآن والانجيل، ولم يكفروا بغيرهما.
الفوائد :
قال في التسهيل : ان قيل كيف قالوا في عيسى :" رسول الله " وهم يكفرون به ويسبونه ؟ فالجواب من ثلاثة أوجه : أحدها : انهم قالوا ذلك على وجه التهكم والاستهزاء، والثاني : انهم قالوه على
حسب اعتقاد المسلمين فيه، كانهم قالوا : رسول الله عندكم او بزعمكم، والثالث : انه من قول الله، لا من قولهم فيوقف قبله، وفائدته تعظيم ذنبهم وتقبيح قولهم إنا قتلناه وقوله تعالى :[ وما قتلوه وما صلبوه ] رد على اليهود وتكذيب لهم، ورد على النصارى في قولهم انه صلب حتى عبدوا الصليب من أجل ذلك، والعجب كل العجب من تناقضهم في قولهم : انه إله، او ابن إله، ثم يقولون انه صلب ؟
تنبيه :
دل قوله تعالى [ وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم، على ان الله تعالى نجى رسوله " عيسى " من شر اليهود الخبثاء، فلم يقتل ولم يصلب وإنما صلبوا شخصا غيره ظنوه عيسى، وهو الذي القى الله الشبه عليه فقتلوه وهم يحسبونه عيسى، وهذا هو الاعتقاد الحق الذي يتفق مع العقل والنقل، وأما النصارى فيعتقدون انه صلب، وان اليهود أهانوه ووضعوا الشوك على رأسه، وانه تضرع وبكى، مع زعمهم انه هو " الله " او " ابن الله " وانه جاء ليخلص البشرية من أوزارها، الى غير ما هنالك من التناقض العجيب الغريب، ولقد أحسن من قال : عجبا للمسيح بين النصارى وإلى أى والد نسبوه !
اسلموه الى اليهود وقالوا انهم بعد ضربه صلبوه
فإذا كان ما يقولون حقا وصحيحا فأين كان ابوه ؟
حين خلى ابنه رهين الأعادي أتراهم أرضوه أم أغضبوه ؟
فلئن كان راضيا بأذاهم فأحمدوهم لأنهم عذبوه
ولئن كان ساخطا فأتركوه واعبدوهم لأنهم غلبوه
قال الله تعالى :[ إنا أوحينا اليك كما أوحينا الى نوح والنبيين.. الى.. والله بكل شيء عليم ] من اية (١٦٣ ) الى نهاية السورة الكريمة.
المناسبة :
لما حكى تعالى جرائم اليهود التي من ضمنها كفرهم بعيسى ومحمد، وزعمهم انهم صلبوا المسيح، ذكر تعالى هنا ان الايمان بجميع الرسل شرط لصحة الايمان، وانه ارسل سائر المرسلين مبشرين ومنذرين، ثم دعا النصارى الى عدم الغلو في شأن المسيح عليه السلام.
اللغة :
[ تغلو ] الغلو : مجاوزة الحد ومنه غلا السعر
[ يستنكف ] يأنف والاستنكاف : الأنفة والترفع، قال الزجاج : مأخوذ من نكفت الدمع إذا نحيته باصبعك عن خدك