[ اعدلوا هو أقرب للتقوى ] أي العدل مع من تبغضونهم أقرب لتقواكم لله
[ واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ] أي مطلع على أعمالكم ومجازيكم عليها قال الزمخشري : وفي هذا تنبيه عظيم على أن العدل إذا كان واجبا مع الكفار الذين هم أعداء الله، وكان بهذه الصفة من القوة، فما الظن بوجوبه مع المؤمنين الذين هم أولياؤه وأحباؤه ؟!
[ وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ] أي وعد الله المؤمنين المطيعين لله
[ لهم مغفرة وأجر عظيم ] أي لهم في الآخرة مغفرة للذنوب، وثواب عظيم وهو الجنة
[ والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ] لما ذكر مآل المؤمنين المتقين وعاقبتهم، ذكر مآل الكافرين المجرمين، وأنهم فى دركات الجحيم دائمون في العذاب، قال أبو حيان : وقد جاءت الجملة فعلية بالنسبة للمؤمنين، متضمنة الوعد بالماضي، الذي هو الدليل على الوقوع، وفي الكافرين جاءت الجملة اسمية دالة على ثبوت هذا الحكم لهم، وأنهم أصحاب النار، فهم دائمون في عذاب الجحيم.
البلاغة :
١- [ لا تحلوا شعائر الله ] في الآية استعارة لطيفة، استعار (الشعيرة) وهي العلامة، للمتعبدات والأحكام، التى تعبد الله بها العباد، من الحلال والحرام.
٢- [ ولا القلائد ] أي ذوات القلائد وهي من باب عطف الخاص على العام لأنها أشرف الهدي كقوله [ من كان عدوا لله وملائكته وجبريل وميكال ].
٣- [ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ] فيه من المحسنات البديعية ما يسمى بالمقابلة، فقد قابل بين البر والإثم، وبين التقوى والعدوان.
٤- [ وطعام الذين أوتوا الكتاب ] أطلق العام وأراد به الخاص وهو الذبائح أي ذبائحهم، وأما بقية الأطعمة في حلال مع جميع الكفار.
٥- [ محصنين غير مسافحين ] بينهما طباق لأن معنى محصنين أي إعفاء ومسافحين أي زناة، فجمع بين الشيء وضده، وهو من المحسنات البديعية.
٦- [ إذا قمتم إلى الصلاة ] أي إذا أردتم القيام إلى الصلاة فعبر عن إرادة الفعل بالفعل، وأقام المسبب مقام السبب لملابسة بينهما، وفي الآية إيجاز بالحذف أيضا أي إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون.
الفوائد :
الأولى : يحكى أن أصحاب الكندي- الفيلسوف المشهور – قال له أصحابه – أيها الحكيم إعمل لنا مثل هذا القرآن!! فقال : نعم أعمل مثل بعضه، فاحتجب أياماً كثيرة ثم خرج فقال : والله ما أقدر ولا يطيق هذا أحد، إني فتحت المصحف فخرجت سورة المائدة، فنظرت فإذا هو قد نطق بالوفاء، ونهى عن النكث، وحلل تحليلا عاما، ثم استثنى استثناء، ثم أخبر عن قدرته وحكمته في سطرين، ولا يقدر أحد أن يأتي بهذا إلا في مجلدات.
الثانية : جرت سنة الجاهلية عن مبدأ العصبية العمياء الذي عبر عنه الشاعر الجاهلي بقوله :
وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وأن ترشد غزية أرشد
وجاء الإسلام بهذا المبدأ الإنساني الكريم [ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ] وشتان بين المبدأين.
الثالث : روي أن رجلا من اليهود جاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرأونها لو علينا معشر اليهود نزلت، لاتخذنا ذلك اليوم عيدا! قال : أي آية تعني ؟ قال :
[ اليوم أكملت لكم دينكم ] الآية فقال عمر : والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله (ص) فيه، والساعة التي نزلت فيها، نزلت على رسول الله (ص) عشية عرفة في يوم جمعة.
قال الله تعالى :[ يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم.. إلى.. فلا تأس على القوم الفاسقين ] من آية (١١) إلى نهاية آية (٢٦).
المناسبة :


الصفحة التالية
Icon