[ ونسوا حظا مما ذكروا به ] أي تركوا نصيبا وافيا مما أمروا به في التوراة
[ ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم ] أي لا تزال يا محمد تظهر على خيانة منهم، بنقض العهود، وتدبير المكايد، فالغدر والخيانة عادتهم وعادة أسلافهم، إلا قليلا منهم ممن أسلم
[ فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين ] أي لا تعاقبهم واصفح عمن أساء منهم، وهذا منسوخ بآية السيف والجزية كما قال الجمهور
[ ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم ] أي ومن الذين ادعوا أنهم أنصار الله، وسموا أنفسهم بذلك، أخذنا منهم أيضا الميثاق، على توحيد الله والإيمان بمحمد رسول الله
[ فنسوا حظا مما ذكروا به ] أي فتركوا ما أمروا به في الإنجيل، من الإيمان بالأنبياء، ونقضوا الميثاق
[ فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ] أي ألزمنا وألصقنا بين فرق النصارى العداوة والبغضاء إلى قيام الساعة، قال ابن كثير : ولا يزالون متباغضين متعادين، يكفر بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا، وكل فرقة تمنع الأخرى دخول معبدها.. وهكذا نجد الأمم الغربية – وهم أبناء دين واحد – يتفنن بعضهم في إهلاك بعض، فمن مخترع للقنبلة الذرية الى مخترع للقنبلة الهيدروجينية، وهي مواد مدمرة، لا يمكن أن يتصور العقل ما تحدثه من تلف بالغ، وهلاك شامل! ؟ فالله يهلكهم بأموالهم وأيديهم [ إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ] ثم قال تعالى :
[ وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون ] تهديد لهم، أي سيلقون جزاء عملهم القبيح
[ يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ] الخطاب لليهود والنصارى، أي يا معشر أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا محمد (ص) بالدين الحق، يبين لكم الكثير مما كنتم تكتمونه في كتابكم من الإيمان به، ومن آية الرجم، ومن قصة أصحاب السبت الذين مسخوا قردة، وغير ذلك مما كنتم تخفونه
[ ويعفو عن كثير ] أي يتركه ولا يبينه، وإنما يبين لكم ما فيه حجة على نبوته، وشهادة على صدقه، ولو ذكر كل شيء لفضحكم. قال في التسهيل : وفي الآية دليل على صحة نبوته، لأنه بين ما أخفوه في كتبهم، وهو أمي لم يقرأ كتبهم
[ قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ] أي جاءكم نور هو القرآن، لأنه مزيل لظلمات الشرك والشك، وهو كتاب مبين ظاهر الإعجاز
[ يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ] أي يهدي بالقرآن من اتبع رضا الرحمن، ويوضح لهم طرق النجاة والسلامة
[ ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ] أي يخرجهم من ظلمات الكفر، إلى نور الإيمان بتوفيقه وإرادته
[ ويهديهم إلى صراط مستقيم ] هو دين الإسلام.. ثم ذكر تعالى إفراط النصارى في شأن عيسى، حتى اعتقدوا ألوهيته، فقال سبحانه :
[ لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ] أي جعلوه إلها وهم فرقة من النصارى، زعموا أن الله حل في عيسى، ولهذا نجد في كتبهم " وجاء الرب يسوع " وأمثاله، ويسوع عندهم هو عيسى ((قال أبو حيان :" ذكر سبحانه أن من النصارى من قال إن المسيح هو (الله)، ومنهم من قال هو (ابن الله)، ومنهم من قال هو (ثالث ثلاثة)، ومن بعض اعتقاد النصارى استنبط من تستر بالاسلام ظاهرا وانتمى إلى الصوفية حلول الله في الصور الجميلة، ومن ذهب من ملاحدتهم إلى القول ب " الاتحاد والوحدة " كالحلاج والصفار وابن اللباج وأمثالهم وانما ذكرتهم نصحا لدين الله " وقد أولع جهلة من ينتمي إلى التصوف بتعظيم هولاء وادعائهم أنهم صفوة الله وأولياؤه " انتهى من البحر المحيط ))