[ ولن تفعلوا ] أي ولن تقدروا فى المستقبل ايضا على ا؟تيان بمثله والجمله [ ولن تفعلوا ] اعتراضيه للاشاره بعجز البشر فى الحاضر والمستقبل كقوله تعالى :[ لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ] أي معيناً. قال ابن كثير : تحداهم القرآن، وهم أفصح الأمم ومع هذا عجزوا، و[ لن ] لنفي التأبيد فى المستقبل أي ولن تفعلوا ذلك أبدا، وهذه أيضا معجزة أخرى، وهو أنه أخبر خبرا جازماً قاطعاً، غير خائف، ولا مشفق، أن هذا القرآن لا يعارض بمثله أبد الآبدين ودهر الداهرين، وكذلك وقع الأمر لم يعارض من لدنه إلى زماننا هذا، ومن تدبر القرآن وجد فيه من وجوه الإعجاز فنونا ظاهرة وخفية، من حيث اللفظ ومن حيث المعنى، والقرآن جميعه فصيح فى غاية نهايات الفصاحة والبيان عند من يعرف كلام العرب، ويفهم تصاريف الكلام
[ فاتقوا النار ] أي فخافوا عذاب الله، واحذروا نار الجحيم التي جعلها الله جزاء المكذبين
[ التي وقودها الناس والحجارة ] أي اتقوا النار التي مادتها التى تشعل بها وتضرم لإيقادها هى : الكفار، والأصنام التي عبدوها من دون الله كقوله تعالى :[ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ] قال مجاهد : حجارة من كبريت أنتن من الجيفة يعذبون بها مع النار
[ أعدت للكافرين ] أي هيئت تلك النار وأرصدت للكافرين الجاحدين، ينالون فيها ألوان العذاب المهين.
تنبيه :
لما ذكر ما أعده لأعدائه، عطف عليه بذكر ما أعده لأوليائه، على طريقة القرآن فى الجمع بين الترغيب والترهيب، للمقارنة بين حال الأبرار والفجار فقال
[ وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات ] أي وبشر يا محمد المؤمنين المتقين، الذين كانوا فى الدنيا محسنين، والذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح
[ أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار ] أي بأن لهم حدائق وبساتين ذات أشجار ومساكن، تجري من تحت قصورها ومساكنها أنهار الجنة ((جاء فى الحديث أن أنهار الجنة تجرى في غير أخدود، أي تجري على سطحها وتحت قصورها)).
[ كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً ] أي كلما أعطوا عطاء ورزقوا من ثمار الجنة
[ قالوا هذا رزقنا من قبل ] أي هذا مثل الطعام الذي قدم إلينا قبل هذه المرة. قال المفسرون : إن أهل الجنة يرزقون من ثمارها، تأتيهم به الملائكة، فإذا قدم لهم مرة ثانية قالوا : هذا الذي أتيتمونا به من قبل، فتقول الملائكة : كل يا عبد الله، فاللون واحد والطعم مختلف ((ذهب بعض المفسرين إلى أن معنى قوله :[ هذا الذي رزقنا من قبل ] أي فى الدنيا، ، هذا قول مرجوح، والصحيح ما روي عن ابن عباس وغيره أن هذا فى الجنة، عندما يقدم لهم الفاكهة مرة ثانية، يقولون : قد جاءنا هذا الرزق من قبل، لأن الكثيرين من فقراء المؤمنين، لم يتنعموا بها فى الدنيا، وليس فى الدنيا مما فى الجنة إلا الأسماء)) قال تعالى
[ وأتوا به متشابها ] أى متشابها فى الشكل والمنظر، لا فى الطعم والمخبر. قال ابن جرير : يعني فى اللون والمرأى وليس يشبهه فى الطعم. قال ابن عباس : لا يشبه شئ مما فى الجنة ما فى الدنيا إلا فى الأسماء
[ ولهم فيها أزواج مطهرة ] أي ولهم فى الجنة زوجات من الحور العين، مطهرات من الأقذار والأدناس، الحسية، والمعنوية، قال ابن عباس : مطهرة من القذر والأذى. وقال مجاهد : مطهرة من الحيض والنفاس، والغائط والبول والنخام، وورد أن نساء الدنيا المؤمنات يكن يوم القيامة أجمل من الحور العين كما قال تعالى [ إنا أنشأنهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا ]
[ وهم فيها خالدون ] أي دائمون، وهذا هو تمام السعادة، فإنهم مع هذا النعيم فى مقام أمين، يعيشون مع زوجاتهم فى هناء خالد لا يعتريه انقطاع، كما قال تعالى :[ وما هم منها بمخرجين ].
البلاغة :


الصفحة التالية
Icon