١- ذكر الربوبية [ اعبدوا ربكم ] مع إضافته إلى المخاطبين للتفخيم والتعظيم لذات الرب الجليل.
٢- الإضافة [ على عبدنا ] للتشريف والتكريم، وهذا أشرف وصف لرسول الله (ص).
٣- التعجيز [ فأتوا بسورة ] خرج الأمر عن صيغته إلى معنى التعجيز، وتنكير السورة لإرادة العموم والشمول، كأنه قال : أى سورة من القرآن.
٤- المقابلة اللطيفة [ جعل لكم الأرض فراشا، والسماء بناء ] فقد قابل بين الأرض والسماء، والفراش والبناء، وهذا من المحسنات البديعية.
٥- الجملة الاعتراضية [ ولن تفعلوا ] لبيان التحدي فى الماضي والمستقبل، وبيان العجز التام في جميع العصور والأزمان.
٦- الإيجاز البديع بذكر الكناية [ فاتقوا النار ] أي فإن عجزتم فخافوا نار جهنم بتصديقكم بالقرآن، لئلا تعذبوا بنار جهنم.
قال الله تعالى :[ إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا.. إلى.. وهو بكل شئ عليم ] من آية (٢٦) إلى نهاية آية (٢٩).
المناسبة :
لما بين تعالى بالدليل الساطع، والبرهان القاطع، أن القرآن كلام الله لا يتطرأ إليه شك، وأنه كتاب معجز أنزله الله على خاتم المرسلين، وتحداهم أن يأتوا بمثل سورة من أقصر سوره، ذكر هنا شبهة أوردها الكفار للقدح فيه، وهي أنه جاء فى القرآن ذكر " النحل، والذباب، والعنكبوت، والنمل " إلخ وهذه الأمور لا يليق ذكرها بكلام الفصحاء، فضلا عن كلام رب العالمين، فأجاب الله تعالى عن هذه الشبهة، ورد عليهم بأن صغر هذه الأشياء لا يقدح فى فصاحة القرآن وإعجازه، إذا كان ذكر المثل مشتملا على حكم بالغة.
اللغة :
[ لا يستحيي ] الحياء : تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ويذم، والمراد به هنا لازمه وهو الترك، قال الزمخشري : أي لا يترك ضرب المثل بالبعوضة ترك من يستحيي من ذكرها لحقارتها
[ فما فوقها ] فما دونها فى الصغر
[ الفاسقين ] أصل الفسق فى كلام العرب : الخروج عن الشيء، والمنافق فاسق لخروجه عن طاعة ربه، قال الفراء : الفاسق مأخوذ من قولهم فسقت الرطبة من قشرها أى خرجت، ويسمى الفاسق فاسقا لخروجه عن طاعة الله، وتسمى الفأرة فويسقة لخروجها لأجل المضرة.
[ ينقضون ] النقض : فسخ التركيب وإفساد ما أبرمته من بناء، أو حبل، أو عهد قال تعالى :[ ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها ] وقال [ فبما نقضهم ميثاقهم ] أي فبنقضهم الميثاق
[ عهد ] العهد : الموثق الذى يعطيه الإنسان لغيره ويقال عهد إليه أي أوصاه
[ الميثاق ] العهد المؤكد باليمين وهو أبلغ من العهد.
[ استوى ] الاستواء في الأصل : الاعتدال والاستقامة يقال : استوى العود إذا قام واعتدل، واستوى إليه كالسهم إذا قصده قصداً مستويا، وقال ثعلب : الاستواء : الإقبال على الشيء.
[ فسواهن ] خلقهم وأتقنهن وقيل معناه : صيرهن.
سبب النزول :
لما ذكر الله تعالى الذباب والعنكبوت في كتابه العزيز، وضرب للمشركين به المثل، ضحكت اليهود وقالوا : ما يشبه هذا كلام الله، وما أراد بذكر هذه الأشياء الخسيسة ؟ فأنزل الله الآية.
التفسير :
يقول تعالى فى الرد على مزاعم اليهود والمنافقين [ إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما ] أي إن الله لا يستنكف ولا يمتنع عن أن يضرب أي مثل كان، بأي شيء كان، صغيراً كان أو كبيرا
[ بعوضة فما فوقها ] أي سواء كان هذا المثل بالبعوضة، أو بما هو دونها فى الحقارة والصغر، فكما لا يستنكف عن خلقها، كذلك لا يستنكف عن ضرب المثل بها
[ فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم ] أي أما المؤمنون فيعلمون أن الله حق، لا يقول غير الحق، وأن هذا المثل من عند الله
[ وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا ] ؟ وأما الذين كفروا فيتعجبون ويقولون : ماذا أراد الله من ضرب الأمثال بمثل هذه الأشياء الحقيرة ؟ قال تعالى فى الرد عليهم


الصفحة التالية
Icon