عز الامانة اغلاها وارخصها ذل الخيانة فافهم حكمة الباري
أى لما كانت أمينة كانت ثمينة، فلما خانت هانت، ويا له من قول سديد، وحكمة بليغة! !
" كلمة وجيزة حول قطع يد السارق "
يعيب بعض الغربين على الشريعة الاسلامية قطع يد السارق، ويزعمون ان هذه العقوبة صارمة، لا تليق ثمجتمع متحضر، ويقولون : يكفي في عقوبته السجن ردعا له، وكان من أثر هذه الفلسفة التي لا تستند على منطق سليم، أن زادت الجرائم وكثرت العصابات، وأصبحت السجون ممتلئة بالمجرمين وقطاع الطريق الذين يهددون الأمن والإستقرار، يسرق السارق وهو أمن مطمئن لا يخشى شيئا، اللهم إلا ذلك السجن الذي ياوى اليه المجرم، وهو له ضيافة كالفندق، يطعم ويكسى فيه، فيقضي مدة العقوبة التي فرضها عليه القانون الوضعى، لم يخرج منه وهو إلى الاجرام أميل، وعلى الشر أقدر، يؤكد هذا ما نقرؤه ونسمعه عن تعدد الجرائم وزيادتها يوما بعد يوم، وذلك لقصور العقل البشري عن الوصول الى الدواء الناجع، والشفاء النافع، لمعالجة مثل هذه الأمراض الخطيرة، أما الاسلام فقد استطاع ان يقتلع الشر من جذوره، ويد واحدة تقطع، كافية لردع المجرمين، فيا له من تشريع حكيم !
قال الله تعالى :[ يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر.. إلى.. ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ] من آية (٤١) الى نهآية آية (٥٠).
المناسبة :
لما ذكر تعالى قصة ابني آدم، وذكر أحكام الحرابة والسرقة، أعقبه بذكر أمر المنافقين، وأمر رسوله (ص) ألا يحزن لما يناله من أذى، من أعداء الانسانية، من اليهود وغيرهم، فالله سيعصمه من شرهم، وينجيه من مكرهم.
اللغة :
[ يحزنك ] الحزن والحزن خلاف السرور
[ السحت ] : الحرام سمي بذلك لأنه يسحت الطاعات أى يذهبها ويستاصلها، وأصل السحت : الهلاك، قال تعالى :[ فيسحتكم بعذاب ] أى يستأصلكم ويهلككم
[ الأحبار ] جمع حبر وهو العالم مأخوذ من التحبير وهو التحسين
[ وقفينا ] أتبعنا
[ مهيمنا ] المهيمن : الرقيب على الشيء الحافظ له، من هيمن عليه أى راقبه وياتي ثمعنى العالي والمرتفع على الشيء
[ شرعة ] الشرعة : السنة والطريقة يقال : شرع لهم أى سن لهم
[ منهاجا ] المنهاج : الطريق الواضح ).
سبب النزول :
عن البراء بن عازب قال : مر على النبي (ص) بيهودي محمما مجلودا فدعاهم فقال : هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ قالوا : نعم فدعا رجلا من علمائهم فقال : أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ قال : لا، ولولا انك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجده الرجم، ولكنه كثر فى أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا : تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فاجتمعنا على التحميم والجلد مكان الرجم ت فقال رسول الله (ص) : اللهم إني أول من أحيا امرك إذ اماتوه، فأمر به فرجم فأنزل الله [ يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ] إلى قوله [ إن اوتيتم هذا فخذوه ] يقولون : إئتوا محمدا فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وان افتاكم بالرجم فاحذروا.
التفسير :
[ يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ] الخطاب للرسول (ص) على وجه التسلية أى لا تتأثر يا محمد ولا تحزن لصنيع الذين يتسابقون نحو الكفر، ويقعون فيه بسرعة
[ من الذين قالوا آمنوا بافواههم ولم تؤمن قلوبهم ] أى من المنافقين الذين لم يجاوز الايمان أفواههم، يقولون بألسنتهم آمنا وقلوبهم كافرة
[ ومن الذين هادوا ] أى ومن اليهود
[ سماعون للكذب ] أى هم مبالغون في سماع الأكاذيب والأباطيل، وفي قبول ما يفتريه أحبارهم من الكذب على الله وتحريف كتابه