[ سماعون لقوم آخرين لم يأتوك ] أى مبالغون في قبول كلام قوم آخرين، لم يحضروا مجلسك تكبرا وافراطا في العداوة والبغضاء، وهم (يهود خيبر)، والسماعون للكذب (بنو قريظة)
[ يحرفون الكلم من بعد مواضعه ] أى يزيلونه ويميلونه عن مواضعه، بعد أن وضعه الله تعالى فيها، والمراد تحريف أحكام الله وتغييرها بأحكام أخرى. قال ابن عباس : هي حدود الله في التوراة غيروا الرجم بالجلد والتحميم - يعني تسويد الوجه -
[ يقولون إن أوتيتم هذا فخدوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ] أى إن امركم محمد بالجلد فاقبلوا، وان أمركم بالرجم فلا تقبلوا، قال تعالى ردا عليهم
[ ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا ] أى ومن يرد الله كفره وضلاله، فلن يقدر أحد على دفع ذلك عنه
[ اولئك الذين لم يرد الله ان يطهر قلوبهم ] أى خذلهم الله، فلم يطهر قلوبهم من رجس الكفر، وخبث الضلالة، لقبح صنيعهم وسوء اختيارهم
[ لهم في الدنيا خزي ] أى ذل وفضيحة
[ ولهم في الآخرة عذاب عظيم ] هو الخلود في نار جهنم، قال ابو حيان : والآية جاءت تسلية للرسول (ص) وتخفيفا عنه من ثقل حزنه على مسارعتهم في الكفر وقطعا لرجائه من فلاحهم
[ سماعون للكذب ] أى الباطل كرره تأكيدا وتفخيما
[ أكالون للسحت ] أى الحرام من الرشوة والربا وشبه ذلك
[ فإن جاءوك فاحكم بينهم او اعرض عنهم ] أي إن تحاكموا اليك يا محمد فيما شجر بينهم من الخصومات، فأنت مخير بين أن تحكم بينهم وبين أن تعرض عنهم، قال ابن كثير : أى إن جاءوك يتحاكمون اليك فلا عليك ألا تحكم بينهم لإنهم لا يقصدون بتحاكمهم اليك اتباع الحق، بل ما يوافق اهواءهم
[ وان تعرض عنهم فلن يضروك شيئا ] أى لان الله عاصمك وحافظك من الناس
[ وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط ان الله يحب المقسطين ] أى فأحكم بينهم بالعدل والحق، وإن كانوا ظلمة خارجين عن طريق العدل، لأن الله يحب العادلين.. ثم قال تعالى منكرا عليهم
مخالفتهم لاحكام التوراة
[ وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ] أى كيف يحكمك يا محمد هؤلاء اليهود ويرضون بحكمك، وعندهم التوراة فيها حكم الله يرونه ولا يعملون به ؟ قالى الرازي : هذا
تعجيب من الله تعالى لنبيه (ص) بتحكيم اليهود اياه بعد علمهم ثما في التوراة من حد الزاني، ثم تركهم قبول ذلك الحكم، فعدلوا عما يعتقدونه حكما حقا، الى ما يعتقدونه باطلا، طلبا للرخصة فظهر بذلك جهلهم وعنادهم
[ ثم يتولون من بعد ذلك ] أى يعرضون عن حكمك الموافق لكتابهم، بعد ان وضح لهم الحق وبان
[ وما اولئك بالمؤمنين ] أى ليسوا ثمؤمنين، لإنهم لا يؤمنون بكتابهم (التوراة) لإعراضهم عنه وعن حكمك الموافق لما فيه، قال في التسهيل : وهذا الزام لهم لأن من خالف كتاب الله وبدله فدعواه
الإيمان باطلة.. ثم مدح تعالى التوراة بأنها نور وضياء فقال :
[ إنا انزلنا التوراة فيها هدى ونور ] اي انزلنا التوراة على موسى فيها بيان واضح ونور ساطع، يكشف ما اشتبه من الاحكام
[ يحكم بها النبيون الذين اسلموا ] أى يحكم بالتوراة انبياء بني اسرانيل، الذين انقادوا لحكم الله
[ للذين هادوا ] أى يحكمون بالتوراة لليهود، لا يخرجون عن حكمها، ولا يبدلونها ولا يحرفونها
[ والربانيون والأحبار ] أى العلماء منهم والفقهاء
[ بما استحفظوا من كتاب الله ] أى بسبب أمر الله اياهم بحفظ كتابه، من التحريف والتضييع
[ وكانوا عليه شهداء ] أى رقباء لئلا يبدل ويغير
[ فلا تخشوا الناس واخشون ] أى لا تخافوا يا علماء اليهود الناس، في إظهار ما عندكم من نعت محمد (ص) والرجم، بل خافوا مني في كتمان ذلك
[ ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ] أى ولا تستبدلوا بآياتي حطام الدنيا الفاني، من الرشوة والجاه، والعرض الخسيس