[ ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون ] أى من لم يحكم بشرع الله فقد كفر، وقال الزمخشري : ومن لم يحكم ثما انزل الله، مستهينا به فاولئك هم (الكافرون ) و(الظالمون ) و(الفاسقون )، وهو وصف لهم بالعتو في كفرهم حين ظلموا آيات الله بالاستهزاء والاستهانة، وتمردوا بأن حكموا بغيرها قال ابو حيان : والآية وإن كان الظاهر من سياقها أن الخطاب فيها لليهود، إلا انها عامة في اليهود وغيرهم.. وكل آية وردت في الكفار تجر بذيلها على عصاه المؤمنين
[ وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ] أى فرضنا على اليهود في التوراة ان النفس تقتل بالنفس
[ والعين بالعين ] أى تفقأ بالعين اذا فقئت بدون حق
[ والأنف بالأنف ] أي يجدع بالانف اذا قطع ظلما
[ والأذن بالأذن ] أى تقطع بالأذن
[ والسن بالسن ] أى يقلع بالسن
[ والجروح قصاص ] أى يقتص من جانيها بأن يفعل به مثل ما فعله بالمجنى عليه، وهذا في الجراح التي يمكن فيها المماثلة، ولا يخاف على النفس منها
[ فمن تصدق به فهو كفارة له ] قال ابن عباس : أى فمن عفا عن الجاني وتصدق عليه، فهو كفارة للمطلوب واجر للطالب وقال الطبري : من تصدق من اصحاب الحق وعفا فهو كفارة له أى للمتصدق، ويكفر الله ذنوبه لعفوه واسقاطه حقه
[ ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الظالمون ] أى المبالغون في الظلم لمخالفة شرع الله
[ وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة ] أى اتبعنا على آثار النبيين بعيسى ابن مريم، وارسلناه عقيبهم مصدقا لما تقدمه من التوراة
[ واتيناه الانجيل فيه هدى ونور ] أى أنزلنا عليه الإنجيل فيه هدى الى الحق، ونور يستضاء به في إزالة الشبهات
[ ومصدقا لما بين يديه من التوراة ] أى معترفا بأنها من عند الله، والتكرير لزيادة التقرير
[ وهدى وموعظة للمتقين ] أى وهاديا وواعظا للمتقين
[ وليحكم أهل الانجيل بما انزل الله فيه ] اي وأتينا عيسى ابن مريم (الإنجيل ) وأمرناه واتباعه بالحكم به
[ ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الفاسقون ] أى المتمردون الخارجون عن الايمان وطاعة الله
[ وانزلنا اليك الكتاب بالحق ] أى وانزلنا اليك يا محمد القرآن بالعدل، والصدق الذي لا ريب فيه
[ مصدقا لما بين يديه من الكتاب ] أى مصدقا للكتب السماوية التي سبقته
[ ومهيمنا عليه ] أى مؤتمنا عليه وحاكما على ما قبله من الكتب، قال الزمخشري : أى رقيبا على سائر الكتب لأنه يشهد لها بالصحة والثبات قال ابن كثير : اسم المهيمن يتضمن ذلك فهو أمين وشاهد وحاكم على كل كتاب قبله، جمع الله فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس فى غيره
[ فأحكم بينهم بما انزل الله ] أى فأحكم يا محمد بين الناس ثما أنزل الله اليك في هذا الكتاب العظيم
[ ولا تتبع أهواءههم عما جاءك من الحق ] أى لا توافقهم على اغراضهم الفاسدة، عادلا عما جاءك في هذا القرآن، قال ابن كثير : أى لا تنصرف عن الحق الذي أمرك الله به، الى أهواء هولاء من الجهلة الاشقياء
[ لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ] أى لكل أمة جعلنا شريعة وطريقا بينا واضحا خاصا بتلك الامة، قال ابو حيان : لليهود شرعة ومنهاج، وللنصارى كذلك والمراد منهج في الاحكام، وأما المعتقد فواحد لجميع الناس، توحيد وإيمان بالرسل وجميع الكتب، وما تضمنته من المعاد والجزاء
[ ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ] أى لو اراد الله لجمع الناس كلهم على دين واحد، وشريعة واحدة، لا ينسخ شيء منها الآخر
[ ولكن ليبلوكم فيما أتاكم ] أى شرع الشرائع مختلفة ليختبر العباد، هل يذعنون لحكم الله ام يعرضون، فخالف بين الشرائع لينظر المطيع من العاصي
[ فاستبقوا الخيرات ] أى فسارعوا الى ما هو خير لكم من طاعة الله وإتباع شرعه


الصفحة التالية
Icon