[ وإذا ناديتم الى الصلاة إتخذوها هزوا ولعبا ] أى وإذا اذنتم الى الصلاة ودعوتم اليها، سخروا منكم ومن صلاتكم، قال في البحر : حسد اليهود الرسول (ص) حين سمعوا الآذان وقالوا : ابتدعت شيئا لم يكن للأنبياء، فمن أين لك الصياح كصياح العير فما أقبحه من صوت ؟ فأنزل الله هذه الآية ((وقال ابو السعود عند هذه الاية : روي أن نصرانيا بالمدينة كان إذا سمع المؤذن يقول :" أشهد ان محمدا رسول الله يقول : أحرق الله الكاذب، فدخل خادمه ذات ليلة بنار، وأهله نيام فتطايرت منه شرارة في البيت فأحرقته وأهله جميعا " أبو السعود)) نبه تعالى على ان من إستهزأ بالصلاة ينبغى ان لا يتخذ وليا، بل يهجر ويطرد، وهذه الآية جاءت كالتوكيد للآية قبلها
[ ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ] أى ذلك الفعل منهم بسبب إنهم فجرة، لا يعقلون حكمة الصلاة، ولايدركون غايتها في تطهير النفوس، ونفى العقل عنهم، لكونهم لم ينتفعوا به في أمر الدين، وإن كان
لهم عقول يدركون بها مصالح الدنيا
[ قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا ] أى قل يا محمد : يا معشر اليهود والنصارى هل تعيبون علينا وتنكرون منا
[ الا ان آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل ] أى إلا إيماننا بالله وبما جاء به رسول الله ؟ قال ابن كثير : أى هل لكم علينا مطعن او عيب الا هذا ؟ وهذا ليس بعيب ولا مذمة فيكون الإستثناء منقطعا
[ وان أكثركم فاسقون ] أى خارجون عن الطريق المستقيم
[ قل هل أنبئكم بشر من ذلك ] أى هل أخبركم بما هو شر من هذا الذي تعيبونه علينا ؟
[ مثوبة عند الله ] أى ثوابا وجزاء ثابتا عند الله، قال في التسهيل : ووضع (الثواب ) موضع العقاب تهكم بهم، نحو قوله [ فبشرهم بعذاب اليم ]
[ من لعنه الله ] أى طرده من رحمته
[ وغضب عليه ] أى سخط عليه بكفره، وانهماكه في المعاصي بعد وضوح الآيات
[ وجعل منهم القردة والخنازير ] أى ومسخ بعضهم قردة وخنازير
[ وعبد الطاغوت ] أى وجعل منهم من عبد الشيطان بطاعته
[ أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل ] أى هؤلاء الملعونون، الموصوفون بتلك القبائح والفضائح، شر مكانا في الآخرة وأكثر ضلالا عن الطريق المستقيم، قال ابن كثير والمعنى : يا أهل الكتاب الطاعنين في ديننا الذي هو توحيد الله، وإفراده بالعبادة دون ما سواه، كيف يصدر منكم هذا، وأنتم قد وجد منكم جميع ما ذكر ؟ قال القرطبي : ولما نزلت هذه الآية قال المسلمون لهم : يا إخوة القردة والخنازير، فنكسوا رءوسهم افتضاحا، وفيهم يقول الشاعر : فلعنة الله على اليهود إن اليهود إخوة القرود
[ وإذا جاءوكم قالوا آمنا ] الضمير يعود الى المنافقين من اليهود أى إذا جاءوكم أظهروا الاسلام
[ وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به ] أى والحال قد دخلوا إليك كفارا وخرجوا كفارا، لم ينتفعوا بما سمعوا منك يا محمد من العلم، ولا نجعت فيهم المواعظ والزواجر
[ والله أعلم بما كانوا يكتمون ] أى من كفرهم ونفاقهم، وفيه وعيد شديد لهم
[ وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان ] أى وترى كثيرا من اليهود يسابقون فى المعاصى والظلم
[ وأكلهم السحت ] أى أكلهم الحرام
[ لبئس ما كانوا يعملون ] أى بئست أعمالهم القبيحة، تلك الاخلاق الشنيعة
[ لولا ينهاهم الربانيون والأحبار ] أى هلا يزجرهم علماؤهم وأحبارهم
[ عن قولهم الإثم وأكلهم السحت ] أى عن المعاصى والآثام وأكل الحرام
[ لبئس ما كانوا يصنعون ] أى بئس صنيعهم ذلك، تركهم النهي عن ارتكاب محارم الله، قال ابن عباس : ما في القرآن آية أشد توبيخا من هذه الآية - يعني على العلماء - وقال ابو حيان : تضمنت هذه الآية توبيخ العلماء والعباد، على سكوتهم عن النهى عن معاصي الله، وأنشد ابن المبارك : وهك أفسد الدين الا الملو ك وأحبار سوء ورهبانها