٨ - [ أوقدوا نارا للحرب ] ايقاد النار في الحرب استعارة، لان الحرب لا نار لها، وانما شبهت بالنار، لأنها تأكل أهلها كما تأكل النار حطبها.
٩ - [ لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ] استعارة ايضا عن كثرة النعم وتوسعة الرزق عليهم، كما يقال : عمه الرزق من فرقه الى قدمه.
الفوائد :
الاولى : روي ان عمر بلغه ان كاتبا نصرانيا قد استعمله " ابو موسى الاشعري " فكتب الى أبى موسى : لا تكرموهم إذ أهانهم الله، ولا تأمنوهم إذ خونهم الله، ولا تدنوهم إذ أقصاهم الله، فقال له ابو موسى : لا قوام للبصرة إلا به، فقال عمر : مات النصراني فماذا تفعل.
الثانية : قتل مسيلمة الكذاب في عهد أبى بكر على يد " وحشى " قاتل حمزة، وكان يقول : قتلت خير الناس في الجاهلية - يريد حمزة - وشر الناس في الاسلام - يريد مسيلمة الكذاب.
الثالثة : قال المفسرون :" عسى " من الله واجب، لأن الكريم إذا أطمع في خيبر فعله، فهو بمنزلة الوعد لتعلق النفس به.
الرابعة : قال البيضاوي فى قوله تعالى :[ لولا ينهاهم الربانيون ] فيها تحضيض لعلمائهم للنهى عن ذلك، فإن [ لولا ] إذا دخل على الماضي أفاد التوبيخ، وإذا دخل على المستقبل أفاد التحضيض.
قال الله تعالى :[ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك... الى.. ولكن كثيرا منهم فاسقون ] من آية (٦٧) الى نهاية آية (٨١).
المناسبة :
لما حذر تعالى المؤمنين من موالاة الكافرين، وهذا يستدعي مناصبتهم العداء له ولاتباعه، أمره تعالى في هذه الآيات بتبليغ الدعوة، ووعده بالحفظ والنصرة، ثم ذكر تعالى طرفا من عقائد أهل الكتاب الفاسدة، وبخاصة النصارى الذين يعتقدون بألوهية عيسى وإنه ثالث ثلاثة، ورد عليهم بالدليل القاطع والبرهان الساطع.
اللغة :
[ يعصمك ] العصمة : الحفط والحماية
[ طغيانا ] الطغيان : تجاوز الحد في الظلم والغلو فيه
[ تأسى ] تحزن يقال : أسى يأسى، والأسى : الحزن قال وانحلبت عيناه من فرط الأسى
[ خلت ] مضت
[ صذيقة ] الصديق : المبالغ في الصدق كما يقال رجل سكيت أى مبالغ في السكوت وسكير أى كثير السكر
[ يؤفكون ] يصرفون عن الحق يقال : أفكه إذا صرفه ومنه [ أجئتنا لتأفكنا ]
[ تغلو ] الغلو : التجاوز في الحد، والتشدد في الأمر يقال : غلا في دينه غلوا تشدد فيه حتى جاوز الحد.
سبب النزول :
ا- عن ابن عباس عن النبي، إنه قال :" لما بعثني الله برسالته ضقت بها ذرعا وعرفت أن من الناس من يكذبني، فأنزل الله [ يا أيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك ] الآية.
ب - وعن ابن عباس قال : جاء جماعة من اليهود الى النبي، فقالوا : الست تقر أن التوراة حق من عند الله ؟ قالى : بلى، فقالوا : فإنا نؤمن بها ولا نؤمن بما عداها، فأنزل الله [ قل يا أهل الكتاب لستم على شىء حتى تقيموا التوراة والانجيل.. ] الآية.
التفسير :
[ يا ايها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك ] هذا نداء تشريف وتعظيم، ناداه تعالى بأشرف الأوصاف (بالرسالة الربانية)، أى بلغ رسالة ربك غير مراقب أحدا، ولا خائف أن ينالك مكروه
[ وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ] قال ابن عباس : المعنى بلغ جميع ما أنزل اليك من ربك، فإن كتمت شيئا منه فما بلغت رسالته، وهذا تأديب لحملة العلم من أمته، ألا يكتموا شيئا من أمر شريعته
[ والله يعصمك من الناس ] أى يمنعك من أن ينالوك بسوء، قال الزمخشري : هذا وعد من الله بالحفظ والكلاءة، والمعنى : والله يضمن لك العصمة من أعدائك، فما عذرك في مراقبتهم ؟ روي أن رسول الله (ص) كان يحرس حتى نزلت الآية، فأخرج رأسه من قبة آدم، وقال : إنصرفوا ايها الناس فقد عصمني الله عز وجل


الصفحة التالية
Icon